لأنه صاحب كل حسنة، وهو (علیهالسلام) يرى كل شيء حسن من الله
تعالى، وهل يرى الحبيب كل ما يبدر من حبيبه بمظهر غير حسن وهل ينال منه غير الرضا
والقبول بما يصدر عنه. ولذا: يختم دعاءه بقوله (علیهالسلام):
«ومنتهى كل رغبة».
فهو مقام
الخلوص في التوحيد وهو التجرد التام عن جميع العوالق الدنيوية وما حفت به من نعم
لاسيما نعمة الوجود التي تعد أوجب النعم حفظا وصونا ورعاية.
فالرغبات التي تخالج النفس
الإنسانية كثيرة منها متعلقة بالنعم التي أحاطت بالإنسان ابتداء من نعمة الحياة مروراً
بنعمة الذرية ونعمة الزوجة والأهل ونعمة الأصحاب ونعمة المال وغيرها.
وأما التي تدفع
النفس للجوء والمسألة لغير الله فكثيرة أيضا فكم يرغب الإنسان بأن يذهب في الشدائد
والكروب والهموم إلى فلان وفلان وفلان من الناس، أو إلى تلك الجهة أو أنه يسأل هذا
ويرجو ذاك ويلتمس منهم حاجته وقضاء طلبته.
إلا أن الإمام الحسين (علیهالسلام)
يقدم لنا معنى آخر للتوجه بهذه الرغبات وهذه الجهات فيشير إلى
الله تعالى فهو (منتهى كل رغبة) فلا تشرّق ولا تغرّب فعودك إلى الله تعالى.
كما يظهر (علیهالسلام) ــ وهذا خاص به ــ إن كل هذه
الرغبات منتهاها إلى الله تعالى، فلا رغبة الحياة والبقاء، ولا رغبة الذرية، ولا
الأهل والأصحاب، والمال، بمقدمة على الرغبة في لقاء الله تعالى. ولذلك: أعطى كل
شيء لله (عزوجل) وأعطاه الله كل شيء؛ فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
[260]
من أخلاق الإمام الحسين A، عبد العظيم المهتدي البحراني: ص14.
اسم الکتاب : دعاء الإمام الحسين في يوم عاشوراء بين النظرية العلمية والأثر الغيبي المؤلف : الحسني، نبيل الجزء : 1 صفحة : 177