فإن الإمام الحسين (علیهالسلام) أدبه جده النبي الأعظم
فأحسن تأديبه ــ علماً أن أصل التأديب واحد وهو الخلق القرآني والتأدب به.
ومن هنا: فإنّ من أجلى مظاهر الخلق
القرآني والنبوي والتأدب بهما هو العلاقة مع الله تعالى، ومن مظاهر هذه العلاقة هي
الدعاء، وقوام الدعاء إنما يكون بالألفاظ التي اشتمل عليها، أي كيما نتعرف على
آداب العلاقة مع الله تعالى وكيفية التأدب بهذه الآداب، فينبغي بنا التعرف على هذه
المعاني والدلائل التي حملتها بنية الألفاظ.
وفي هذا الدعاء الذي ابتدأ به
الإمام الحسين (علیهالسلام) أدعيته في يوم عاشوراء يظهر لنا
دوام السياق التأدبي في الخطاب مع الله تعالى من خلال الشواهد الآتية.
أولا: اختصاص مقاطع الدعاء منذ البداية وحتى النهاية بمظاهر
الحب الإلهي
وهذه المظاهر تبدو واضحة في كلمات
الدعاء: (اللهم، أنت ثقتي، ورجائي، أنت لي، ثقة وعدة، أنزلته بك، شكوته إليك،
رغبة مني إليك، فأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة).
فكلها مراتب لإظهار الحب الإلهي حتى
تكاد تختفي الحاجة وتضمر المسألة، فقد انشغل الإمام بحب الله عن مسألته وحاجته
وتجمع الجيوش من حوله فهو لم
[258]
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي: ج11، ص233.
اسم الکتاب : دعاء الإمام الحسين في يوم عاشوراء بين النظرية العلمية والأثر الغيبي المؤلف : الحسني، نبيل الجزء : 1 صفحة : 175