لقد منّ اللّه تبارك وتعالى على
الإنسان بأن خلقه ناهضةً قامُته، مرفوعاً جبينه، تمكيناً له من أن يرمي ببصره
مديداً، ويصعّد بنظره بعيداً، يرى من الدرب ما امتد، ومن المسافات ما بعد، ويلتقي
بنظره الآفاق والسماء والنجوم والكواكب، وأمدّه بعلم حتى كان له من ذلك آلات يبلغ
رؤية المحسوس في مسافات تبلغ من سنيّ الضوء ما حسابه بالملايين، ليكون من علم
الحسّ الكثير الذي يتناسب ودوره الفاعل في صياغة حضارته على الأرض، ويكون مقدّمة
بيده لعلم أبعد مدى، وأوسع افقاً وأجلَّ قدراً ممّا يجد له وسيلة من عقله وقلبه
وما اجتمع لهما من حسّه. هذا العلم الذي يقضي بالحاجة إليه دوره الخِلافي