responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 153

التصرف في هذه النعمة أو لا يحسن التصرف، أن يستفيد من الازدهار الاقتصادي فيبني نفسه، أو أن ينساق وراء الازدهار الاقتصادي هدفاً، وأن يسبب له ذلك الغرور، ويسبب له الطيش والاشتغال بالدنيا.

«وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَااسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّاللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ وَ آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُيَعْلَمُهُمْ وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْ‌ءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّإِلَيْكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ‌ [1].» الإسلام يطالب أمة الإسلام ببناء قوةٍ ضاربة، ولكن لا للعدوان، وأنت تفهمُ أن هذه القوة ليست عدوانيةً من قوله تعالى في الآية اللاحقة «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَالسَّمِيعُ الْعَلِيمُ‌ [2]

إذا كانت هناك قوىً مادية ضاربة عدوانية في الأرض تتهدد الإيمان، وتستضعف الإنسان، وتناهض منهج الله، وتعمل بالفساد والإفساد في الأرض، فلابد من أن تكون لدولة الإيمان قوةٌ ضاربةٌ في مواجهة تلك القوة لتردعها عن عدوانها. أما حالَ أن يجنحَ الآخرون للسلم، وتنتهي عدوانيةُ الطرف الآخر أو يُرى منه الجدُّ في الميل إلى السلم، وأنه يأخذ بروح السلم في مواقفه فإنه لا داعي للاستمرار في بناء القوة، بما يحوّل المسألة إلى عبث، ويشجّع على الصّراع وسباق التسلّح، ولابد للأمة الإسلامية حينئذ أن تأخذ بالسلم لأن الأصل في الأمة الإسلامية أنها أمة السلام والأمن والازدهار في الأرض.

يوسف عليه السلام في خطابه لملك مصر: «قالَ اجْعَلْنِي عَلى‌ خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌعَلِيمٌ وَ كَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُيَشاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ وَ لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ‌[3].» يوسف النبي عليه السلام يتقدّم لشغل وزارة المالية- إذا صح التعبير- لحفظ الاقتصاد المهدد بسبب سنوات القحط التي كانت تتهدد مصر وذلك لأنه يتوفر على ما لا يتوفر عليه الآخرون من‌


[1] سورة الأنفال: 60.

[2] سورة الانفال: 61.

[3] سورة يوسف: 55- 57.

اسم الکتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 153
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست