responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 109

على أحجام، ويأتي على أوزان من حيث العقل، من حيث النفسية، من حيث كلّ الصفات، وليس هو في شي‌ء من ذلك قد استُأذِن، أو كان له دخلٌ وقرارٌ في تقرير مصيره. المكروب يصرعه، البراكين تنسفه وتحرقه، الزلازل تطمره، الريح تهلكه، المطر يغرقه، الرمال تدفنه، الهموم تقتله، اليأس يستولي عليه، لا يملك قوانين تفكيره، ولا يملك شيئا من قوانين حياته، إذا طوّر إنما يطوّر على أساس من قوانين وضعها الله سبحانه و تعالي ومكّنه من معرفتها، ومن الاستفادة منها.

نعم، إنه لا يملك أسباب حياته، محكومٌ في خلقه وموته ومرضه وصحته، وفي كلّ القوانين التي تعتمد عليها حياته، إذاً كيف يكون هو السيد المطلق؟! إذا كان هذا وزنه من ناحية تكوينية فكيف يكون هو السيد المطلق من ناحية تشريعية؟ وكيف يحكم أن لا قوة فوق قوته، وأن لا ملك فوق ملكه، وأن لا سيادة فوق سيادته، وهو المحكوم في كلّ شأن من شأنه؟!

هذه النظرة واهمةٌ كاذبةٌ مستخفةٌ للإنسان، توقفه في الغرور، وتدمّر حياته بهذا الغرور. نظرةٌ مهلكة، غير علمية، وغير موضوعية، نظرة خيالية، نظرةٌ فرضٌ بلا واقع.

التصوير الثاني‌

في التصوير الثاني هذا الإنسان عليه أن يعبد الشجر والحجر، والشمس والقمر، والصنم والبقر. نظرةٌ مذلةٌ مهينةٌ ساحقةٌ مخزيةٌ دونيةٌ.

ذاك هو التصوّر القرآني لموقع الإنسان، وهذا هو التصوير المادي بشقيه للإنسان وكلا التصويرين الماديين للإنسان تصوير يسحقه ويهلكه ويدمّره.

النظرة الأولى التي تعطي للإنسان السيادة المطلقة تتركز في نفوس الأصحّاء الأقوياء، أمّا المريض المنهك الضّعيف لا يسعه أن يشعر بهذا الشعور. هذا الشعور إنَّما يمكن أن يستغفل إنسانا في لحظة الفُتوّة والقوة

اسم الکتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست