responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معرفة العقيدة المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 301

دواعي النّظر في أمر المعاد

" وفي ضوء عقيدة المعاد والآخرة تتخذ الحياة الدنيا في وجود النّاس مساراً، وبعيداً عنها تتخذ مساراً آخر، وما أبعد ما بين المسارين، وما أشدّ التباين بين طبيعتهما، وأخلاقيتهما، ومنهجهما، وآثارهما في العقول والنفوس والسياسة، والاقتصاد، والاجتماع، وكلّ أوضاع الحياة.

ويتفاوت كلّ ذلك فيما تعطيه النظرة القويمة للدّين والآخرة، وما تعطيه النظرة السقيمة المنحرفة لهما.

وفرق هائل بين ما تنتهي إليه حياة الإيمان من نتيجة، وما تنتهي إليه حياة الكفر، وما يلقاه الإنسان مما تفضي إليه هذه الحياة، وتلك الحياة.

فكان لهذا كلّه، على الإنسان أن يقف بعقله وقلبه ووجدانه وبصيرته، مفرّغاً نفسه من مؤثرات العوارض، وتأثيرات البيئة، ليقضي بنظر حصيف في قضية الآخرة، ليبني عليها حياته الدنيا، أو ليطرحها من الحساب، ولينطلق منها قاعدة يرجع إليها في كلّ شؤونه، أو ينفصل عنها لينطلق في دنياه كيف شاء.

ولكنه لو أخذ بالانفصال فإنه لن يستطيع أن يقتلع من داخله فكرة الآخرة، ولن يجد سبيلًا لامتلاك دليل واحد يثبت عدمها، وأقصى ما سيكون عليه في هذا الحال هو دُوار الشّك، وقلقُ الريبة، وضلالة الحيران.

وإذا قُدّر لنفس أن تخسر قابلية الإيمان بالمعاد، بما كسبت من سوء، ودخلها من فساد، فصارت القضية عندها في دائرة الشك، فإن العقل قاض على هذا التقدير بالاحتياط، ومراعاة أمر الآخرة، وخاصّة أن هذا الأمر هو أخطر الأمور، وترتبط به قيمة الحياة، والمصير العظيم، وأن احتماله لا يمكن حسب كلّ المعطيات أن يكون من فراغ، أو من الوزن الخفيف.

ولا يصحّ في عقل ولا حكمة أن تقام الحياة كلها؛ حياةُ فرد أو مجتمع،

اسم الکتاب : معرفة العقيدة المؤلف : قاسم، عيسى احمد    الجزء : 1  صفحة : 301
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست