كتجّلي التّشريع الكامل الدّقيق،
فإنّ" ملايين العلاقات وبلايينها، والتي تدخل في وزنك وفي تقديرك، وفي ما
يصلحك وما يفسدك، من يعلمها إلا الله.
وأيّ مشرع يستطيع أن يستحضرها لحظة
تشريعه بكاملها؟
من هو المشرِّع الذي يستطيع أن
يستحضر بلايين العلاقات، التي تربط الذات الإنسانية الواحدة في ماضيها وحاضرها
ومستقبلها ليشرع لهذا الإنسان؟
[إنّ] عقلية رسول الله صلي الله
عليه وآله لم يوكل إليها أمر التشريع بصورة مطلقة، ولو علم الله عزوجل أنّ رسوله
صلي الله عليه وآله بذاته المقدّسة، قادر أصلًا على وضع التشريع الكامل للإنسان،
لأرسله، وأوكل له مهمة وضع التشريع من غير وحي آخر.
لكنه قال له: (وَ
لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ*
ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ)[5]، نعم
يأتي من رسول الله صلي الله عليه وآله التوجيه، وقد يأتي الحكم أيضاً في مورد من
الموارد، لكنه بهدى من ربه سبحانه وتعالي .. مرة ينزل عليه جبرئيل عليه السلام،
ومرة لا ينزل عليه جبرئيل عليه السلام، ولكن كلّه وحيٌ يتلقاه صلي الله عليه وآله
من عند ربهِ، ولا ينسب شيءٌ مما جاء به صلي الله عليه وآله إلى ذاته.