الحكمة وسرعة البديهة

ينقل بعض الطلبة أن برنامج إلقاء المحاضرة في إحدى الجلسات الأسبوعية كان على عاتق أحد الطلبة المبتدئين، فقد كان ذلك يدخل ضمن أهداف الجلسة؛ إذ يُقصد منه تقوية ملكة البيان، وتنمية القدرة على ترتيب البحث العلمي لدى الطالب المبتدئ، يقول الناقل: (في أسبوع من الأسابيع كانت الكلمة لأحد الطلبة المبتدئين، فألقى كلمته، ولكنّه لم يوفّق جيّداً فيها؛ إذ كانت هي المرة الأولى له، أمام جمع من العلماء، فأخذته الرهبة، وتلكّأ، فأراد أحد الطلبة القدامى تشجيعه، فقال له: هذا حال الإنسان، يبدأ بالحبو، ثمّ شيئاً فشيئاً يتطوّر، إلى أن يقف على قدميه، فكان وقع هذه الكلمة على خلاف قصد التشجيع؛ فبدل أن ترفع حرجه، ازداد حرجه، واحمرّ وجهه، وبسرعة خاطفة تدارك سماحة الشيخ عيسى- الذي كان يُعدّ من الطلبة الأقدمين آنذاك- الموقفَ قالًا: وكلّنا لا زلنا نحبو، فكانت كلمة الشيخ كالماء الزلال على قلبه، فتهلّل وجهه، واستبشر).

الهمة العالية

طلب العلم بالأمس يختلف عنه اليوم، إذ تيسرت وسائله كثيرا في هذا العصر مقارنة بسابقه، فقد عُرفت ظروف طلب العلم سابقاً بالصعوبة، وفي تلك الظروف الصعبة، برزت الهمة العالية التي‌