وروي
انّ عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص وكان على مصر : وجهت إليك محمّد بن
مسلمة ليقاسمك مالك قال المدائني : فلمّا قاسم محمّد ابن مسلمة عمرو
بن العاص ، قال [ عمرو ] : انّ
زماناً عاملنا فيه ابن حنتمة هذه المعاملة لزمان سوء ، فقال محمّد :
لولا زمان ابن حنتمة هذا الذي تكرهه أُ لْفِيتَ معتقلا
عنزاً بفناء بيتك يسرّك غرزها ويسوءك كباؤها ، قال : أنشدك أن لا تخبر
عمر[203] .
وفي ( المثل
السائر ) لابن
الاثير « ان العرب
كان يعير بعضها بعضاً بنسبته إلى أ مّه دون أبيه ،
ألا ترى أنّ عمر بن الخطّاب(رضي الله عنه) كان يقال له :
ابن حنتمة ، و إنّما كان
يقول لذك[204] من يغض
منه ، وأ مّا قول
النبيّ للزبير بن صفية : بشر قاتل ابن صفية بالنار ، فانّ صفية كانت
عمّة النبيّ ، و إنّما نسبه إليها رفعاً لقدره في قرب نسبه
منه وأ نّه ابن
عمّته ، وليس هذا كالأوّل في الغضِّ من عمر في نسبه إلى أمّه »[205] .
وعليه فكل ما قدمته كان لتوضيح
الحقيقة ولفت الأنظار إلى قضية مجهولة في البحث ، وليس في كلامي تعريض
بأحد .
بهذا فقد أعطينا صورة مصغّرة عن تسمية
الأمّهات والانتساب إليهنّ ، ولهذا بحث طو يل نتركه
لحينه .
كلّ هذه النصوص تؤكّد إمكان تسمية الأ مّهات
أولادهنّ ولا مانع من ذلك ، خصوصاً لو كانت الأمّ حرّة ، وبه تعرف بأن
التسمية و إن كانت
حقّاً للآباء ، لكنّ الأمهات والأجداد وأصحاب المقام كانوا يضعون الأسماء في
بعض الحالات كذلك ، ثمّ يأتي دور الآباء فكانوا إمّا أن يتركوا تلك التسميات
أو يغيّرونها .
[203] فتوح
البلدان : 221 ، الخراج وصناعة الكتابة : 339 -