و يشهد بفضل
غرابة الاسم قوله تعالى : ( لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً )[36] .
قال ابن الجوزي : فإن اعترض
معترض فقال : ما وجه المدحة باسم لم يسمّ به أحد قبله ، ونرى كثيراً من
الأسماء لم يسبق إليها ؟ فالجواب : أنّ وجه الفضيلة أنّ الله تعالى
تولّى تسميته ولم يَكِلْ ذلك إلى أبويه ، فسمّاه باسم لم يسبق إليه[37] .
وفي بحارالأنوار في قوله تعالى :
( أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى )[38] سمّاه الله
بهذا الاسم قبل مولده ، واختلف فيه لم سمّي بيحيى ؟ فقيل : لانّ
الله أحيا به عقر أمّه ، عن ابن عبّاس ، وقيل : لأنّ الله سبحانه
أحياه بالإيمان ، عن قتادة ، وقيل : لأ نّه سبحانه
أحيا قلبه بالنبوّة ، ولم يسمّ قبله أحداً بيحيى[39] .
ولا يخفى عليك بأنَّ تنوُّع الأَسماء
يختلف باختلاف المُسَمِّين وما يدور في خزائن أَخيلتهم ممّا يألفونه و يجاورونه و يخالطونه ،
و إنّ غالب
أسماء العرب كانت توضع على الفأل ، لأنَّ الأسماء الحسنة الجميلة تبعث على
التفاؤل ، أ مّا الأسماء
الخبيثة الرديئة فإنّها تولي التشاؤم .
والإسلام حبّذ التفاؤل ولم ينه
عنه ، وكذا التشاؤم من الأسماء القبيحة ، بل قيل : إنّ رسول الله
كان يتأثّر من الأسماء القبيحة و يفرح بالأسماء
الحسنة ، وكان يقول إذا أعجبته كلمة : أخذنا فالك من فيك ، و إنّه(صلى
الله عليه وآله)
يعجبه إذا خرج لحاجة أن يسمع : يا راشد يا نجيح ، وإنّه قال : لا
عدوى ولا طيرة و يعجبني
الفأل[40] .
[40] انظر
المفصل في تاريخ العرب 12 : 379 ، وانظر حديث «أخذنا فألك من فيك»
في سنن أبي داود 4 : 18 ح 3917 ، وحديث «لا عدوى ولا
طيره » في صحيح البخاري 5 6 2171 ح 5424 ، صحيح مسلم
4 : 1746 ح 2224 ، وعن علي بن أبي طالب : العين حقّ ،
والرُّقَى حقّ ، والسحر حقّ ، والفال حقّ ، والطيرة ليست
بحقّ ، والعدوى ليست بحق . نهج البلاغة : 546 رقم 400 تحقيق
صبحي الصالح .