وأخرج
ابن كثير ، عن عطاء : إنّ معاو ية بعث إلى عائشة
وهي بمكة بطوق قيمته مائة ألف ، فقبلته[386] .
هذا بعض الشيء عن عائشة ودورها في حرب
الأسماء وتشديدها للخلاف بين الآل والصحابة ، لا تمويع الجليد كما
يقال . فلو كانت أماً بارة بأولادها لسعت إلى تمويع الجليد لا تشديد الخلاف
وبث روح البغض والضغينه بين المسلمين وخصوصاً بين الصحابة الأوائل .
وقد جاء في كتاب ( الكافئة ) للشيخ
المفيد ، والجمل ، والفتوح وغيرها : أ نّه لمّا بلغ
عائشة نزول أميرالمؤمنين(عليه السلام) بذي قار كتبت إلى
حفصة بنت عمر : « أ مّا بعد ،
فإنّا نزلنا البصرة ونزل علي بذي قار ، واللهُ داقٌّ عُنُقَه كدقّ البيضة على
الصفا ، إنّه بذي قار بمنزلة الأشقر ، إن تقدم نحر ، و إن تأخّر
عُقِر »[387] .
فلمّا وصل الكتاب إلى حفصة استبشرت
بذلك ودعت صبيان بني تيم وعدي وأعطت جوار يها دفوفاً ،
وأمرتهن أن يضربن بالدفوف و يقلن : ما
الخبر ما الخبر ! علي كالأشقر ، إن تقدم نحر ، و إن تأخّر
عْقِر .
فبلغ أمّ سلمة رضي الله عنها اجتماع
النسوة على ما اجتمعن عليه من سبّ أميرالمؤمنين(عليه
السلام)
والمسرّة بالكتاب الوارد عليهنّ من عائشة ، فبكت وقالت : أعطوني ثيابي
حتّى أخرج إليهنّ وأقع بهنّ ، فقالت أمّ كلثوم بنت أميرالمؤمنين(عليه
السلام) :
أنا أنوب عنك فإنّني أَ عْرَفُ منك ، فلبست ثيابها وتنكّرت
وتخفّرت واستصحبت جواريها متخفّرات ، وجاءت حتّى دخلت عليهنّ كأ نّها من
النَّظَّارة ، فلمّا رأت ما هنّ فيه من العبث والسفه كشفت نقابها وأبرزت لهنّ
وجهها ، ثمّ قالت لحفصة : إن تظاهرتِ أنت وأُختُكِ على أميرالمؤمنين(عليه
السلام)
فقد تظاهرتما على أخيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) من
قبل ، فأنزل الله عزّ وجلّ فيكما ما أنزل ،
[386] تاريخ
دمشق 59 : 192 ، البداية والنهاية 8 : 139 -
[387] وفي
شرح نهج البلاغة 14 : 13 ـ 14 : وأقام(عليه
السلام)
بها مرعوباً خائفاً لِمَا بلغه من عدّتنا وجماعتنا فهو بمنزله الأشقر إن تقدم عقر
و إن تأخّر
نحر .