إذن فثقافة مدرسة أهل البيت في أصلها
الاولى كانت تمانع ربط المسائل المذهبية والخلافية بالمسائل العرفية
والاجتماعية ، فكانت لا ترضى بما تفعله بعض الجهات الرسمية في عملية خلطها
للأوراق .
فلا ترى شيعياً اليوم رغم
كل الاجحاف والظلم الذي حل به من قبل الحكام ، يمتنع من تسمية ابنه بسعد أو
خالد أو عبدالرحمن ، لأ نّه يعلم بأن
الأسماء هي أسماء ، فلا يجوز التبري منها بسبب الأدوار السلبيّة لسعد بن أبي
وقاص ، أو خالد بن الوليد ، أو عبدالرحمن بن ملجم أو عمر بن سعد بعد
الإسلام .
نعم ، إنّهم يمتنعون من التسمية
بأسماء الخلفاء الثلاثة وعائشة لما جرى عليهم في مدينة الري وغيرها في القرون
السابقة ، وخصوصاً : السادس ، والسابع ، والثامن الهجري وما
قبلها ، أي أ نّهم علموا
بأنّ النهج الحاكم يسعى للمساس برموزهم ، و إن ذلك
سيستمر حتّى مجيء السفياني الذي يقتل على الهويّة كلّ من اسمه : عليّ ،
الحسن ، الحسين ، جعفر ، حمزة ، فاطمة . فتحسسوا من
التسمية بأسماء الأغيار في القرون الأخيرة ، لأ نّهم كانوا
يرون هؤلاء الثلاثة هم الذين مهّدوا لأمثال معاوية ، ومن يفتي لهم من وعّاظ
السلاطين ما يعجبهم .
وعليه فالنهي لم يأت من قبل أهل
البيت ، بل كان انزجاراً عفوياً وردّة فعل للشيعة عَمَّا كانوا يسمعونه
ويرونه من الآخرين في مصر والعراق و إيران والمغرب
و
بلى ، إنّ أهل البيت هم أعلى
شأناً من اثارة هكذا أمور ، فهم لا يكرهون اسماً من الأسماء لكون فلان الكافر
قد تسمّى به ، أو أ نّه اسم لفلان المنافق .
إنّ مخالفتهم لم تكن مع المفاهيم
والأسماء بما هي أسماء ما لم تحمل معاني الشرك والمعاني القبيحة ، بل كانت مع
المفاهيم والأفعال ، وقد ثبت لك بأنّهم لا يصرحون بالمنع من
التسمية باسم أبي بكر وعمر وعثمان . مثلما جاءت النصوص الناهية من قبلهم(عليهم
السلام)
عن التسمية بخالد ومالك و وحتى أن نهيهم