اسم الکتاب : آیة الوضو و اشکالیة الدلالة المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 134
لَفْتُ نَظَر :
لقد عرفت ـ فيما تقدم ـ أنّ ابن جرير الطبريّ لم تُقْنِعْهُ
أدلّة الغسل ، فاضطرّ إلى القول بالتخيير ، والمراد بالتخيير :
التخيير بين المسح على الرجلين[348] أو غسلهما .
لكن البغويّ فسّر المسح بالمسح على الخفّين والغسل بغسل
القدمين ، وهذا من التحريف بمكان ، لأنّ المسح على الخفّين ليس قول ابن
جرير وحده ، بل هو قول العامّة ، وما معنى التخيير إذن ؟ إن كان هو
التخيير بين المسح على الخفّين والغسل ، فهذا ليس بقول جديد ; ولا تعليل
فريد ، بل هو تعليل قديم ، وطريقة جمع أَقدم عليها أكثر علماء
العامّة ، بينما الواقف على كلام الطبري يفهم إِحداثه لقول ثالث في الوضوء
وهو التخيير ; لتكافؤ صحّة النقلين عنده ـ الغسل والمسح على القدمين ـ وحيث
لم يمكنه ترجيح أحدهما على الآخر لزمه أن يعذر العامل بأيّهما شاء المسح أو
الغسل .
ونحن قد أَوضحنا سابقاً في البحثين (التاريخي والروائي)
أنّ الخلاف بين المسلمين قد وقع في حكم «الأرجل» ، وأنّ عثمان بن عفّان ـ
(الجامع للذكر الحكيم) كما يقولون حسب المشهور ـ ذهب إلى غسلها خلافاً لغيره من
الصحابة الذاهبين إلى لزوم مسحها ، لكنّهم لمّا رأوا قوّة أدلّة الماسحين من
جهة وسيرة الناس بالغسل تبعاً لعثمان بن عفّان والأمويين من جهة اُخرى ،
الزمهم أن يقولوا بالتخيير ، وكان مِنْ بين القائلين بالتخيير ابن جرير
الطبريّ ، والحسن البصريّ ، وأبو عليّ الجُبّائيّ وغيرهم .
هذا وإِن هناك آخَرِيْنَ كداود بن عليّ الظاهريّ والناصر
للحقّ من أئمّة الزيديّة
[348] .
منوهين بأنّ أَحَدَ تلامذتهِ المقلدين مذهبه ـ وهو المعافى بن زكريا النهراوني
«الجريريُّ» ـ له كتابٌ عنوانه «المَسْحُ على الأرْجُلِ» ، ذَكَرَهُ ابن
النديم في «الفهرست» .
اسم الکتاب : آیة الوضو و اشکالیة الدلالة المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 134