إذ انّ القضايا
الخلافية والمصيرية لا يمكن دراستها من وجهة نظر واحدة بعيداً عن ملابساتها ،
بل يجب على الباحث أن يقف على أقوال الآخرين وما بحوزتهم من مستندات وأدلّة .
وبما أنّ
مستندات هذه المسألة منقسمة وموجودة عند مجموعتين من المسلمين ، فلابدّ من
النظر إليهما معاً ، وعدم الاكتفاء بالنظر إلى أدلّة بعض دون أدلّة بعض
آخر ، إذ أنّ النظرة الضيّقة وعدم الانفتاح على أدلة الآخرين يوصدان أبواب التفاهم
وتلاقح الأفكار وتحرمنا في النهاية من الاستنتاج الموضوعي السليم .
علماً بأنّ
أحد محوري النزاع يرتبط بالتراث الشيعي ـ بفرقه الثلاث : الإمامية
والزيدية والإسماعيلية ـ فهؤلاء جميعاً يذهبون إلى أنّ جملة «حيّ على
خير العمل» كانت في الأذان وقد أذّن بها الرسول والصحابة ولا يؤمنون بنسخها ،
مفندين ما قدّمته مدرسة الخلفاء من أدلة ، معتقدين بأنّ عمر بن الخطاب هو
الذي قطعها وحذفها معلِّلاً فعله بعلة ظاهرية ، وهو خوفه من اتّكال المسلمين
عن الصلاة وتركهم للجهاد .