فقالت عائشة :
رحم الله أبا هريرة ، أساء سمعا فأساء إصابة ، أمّا قوله : «لأن أمتّعَ بسوط في سبيل الله أحبّ إليّ من أن أَعتق ولد الزنى» ، فإنّها لما نزلت : فَلاَ
اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ ، قيل :
يا رسول الله ، ما عندنا ما نعتق ، إلّا أنّ أحدنا له الجارية السوداء ،
تخدمه وتسعى عليه ، فلو أمرناهنّ ، فزنين ، فجئن بأولاد فأعتقناهم ، فقال رسول الله : «لأن أمتعَ بسوط في سبيل الله، أحبّ إليّ من أن آمر بالزنى ، ثمّ أُعتق الولد» .
وأمّا
قوله :
«ولد الزنى شرّ الثلاثة» فلم يكن الحديث على هذا ، إنّما كان رجل من المنافقين يؤذي رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ، فقال : «من يعذرني من فلان ؟» ، قيل : يا رسول الله ، إنّه مع ما به ولد زنى ، فقال : «هو شر الثلاثة» والله تعالى يقول : وَلاَ تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى.
وأمّا قوله :
«إنّ الميت يعذّب ببكاء الحي» فلم يكن الحديث على هذا ،
ولكن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم مرّ بدار رجل من اليهود ، قد مات ، وأهله يبكون عليه ، فقال : «إنّهم يبكون عليه وإنّه ليعذّب» . والله
يقول : لاَ يُكَلِّفُ
اللَّهُ نَفْسا إلَّا وُسْعَهَا[1] .
كما أنّ عائشة قد نقدت أبا هريرة لما رواه عنه 0 : «من حمل ميتا فليتوضّأ» فقالت : أو نجس موتى المسلمين ؟ وما على رجل لو حمل عوداً ؟[2] .
[1]
المستدرك 2 : 234 / كتاب العتق / ح 2855 ، سنن البيهقي 10 : 58 / باب ما جاء في ولد الزنا / ح
19776 .
[2]
الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة ،
للزركشي 1 : 122 / فصل في إستدراكها على أبي هريرة / ح 7 ، وانظر السنن الكبرى للبيهقي 1 : 307 /
باب الغسل من غسل الميت / ح 1368 .