نقوله
هو : أنَّ الخلاف لم يشكّل مدرسة وضوئيّة كاملة ،
بل إنَّ أغلب الروايات الواردة عن عمر في الوضوء كانت تدور مدار نقطة واحدة وبيان
حالة معيّنة من حالات الوضوء ، ولم نعثر على اختلافات أُخرى بين الصحابة آنذاك ، كما هو مختلف فيه بين فرق المسلمين اليوم ،
مثل : حكم غسل اليدين ، هل هو من الأصابع إلى المرافق أو العكس ؟
أو كمسح
الرأس ، هل يجب كلّه ، أو يجوز مسح بعضه ؟
وما هو
حكم مسح الرقبة ، هل هو من مسنونات الوضوء ، أو ؟
إنَّ
عدم نقل وضوء بيانيّ عن الخليفة ، وعدم تأكيده على تعليم الوضوء للمسلمين لدليل على أنَّ الاختلاف
بينهم لم يكن إلّا جزئيّا ، وأنَّه لم يشكّل بعد عند المسلمين نهجين وكيفيّتين كما هو المشاهد
اليوم ؛ إذ لو كان ذلك لسعى عمر بن الخطاب في إرشاد الناس ودعوتهم إلى وضوء رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ، وهو الذي قد تناقلت كتب السير
والتاريخ شقه لقميص ابراهيم بن عبدالرحمن بن عوف للبسه الحرير[66] ، وإقامته الحد على ابنه عبدالرحمن الاوسط المكنى ﺑ (ابي شحمة)
للمرة الثانية وهو مريض بشربه الخمر[67] إلى غيرها من المواقف المذكورة .
فإذا
كان الاهتمام بالأحكام إلى هذا المدى ، فَلِمَ لا نرى له
وضوءا بيانيّا ؛ لو
[66] التاريخ الكبير 1 : 295 /
947 ، لإبراهيم بن عبد الرحمان بن عوف ، المطالب العالية 1 : 358 /
2245 ، الطبقات الكبرى 3 : 130 ، وعنه في كنز العمال 15 :
200 كتاب أدب اللباس ، باب الحرير / ح 41866 .
[67]
الإصابة في تمييز الصحابة 5 : 44 / الترجمة 6231 لعبدالرحمن بن عمر بن الخطاب
وانظر مجموعة طه حسين 4 : 51 و 165 .