قال : بلى ولكني سمعت رسول الله يقول :
مبلغ الحلية مبلغ الوضوء فاحببت أن يزيدني في حليتي[908] .
ويروى
عن معاوية أنّه توضّأ للناس ، فلمّا بلغ رأسه غرف غرفة من ماء فتلقّاها بشماله حتّى وضعها على وسط
رأسه حتّى قطر الماء أو كاد يقطر، ثمّ مسح من مقدّمة إلى مؤخّره ومن مؤخّره إلى مقدّمه[909] .
أمّا مدرسة
التعبّد المحض فلم ترتض هذا التغيير في الوضوء ،
لأنّها تعدّ الوضوء من الأُمور التوقيفيْة التعبّديّة التي يجب فيها الرجوع إلى
الشرع ، وأنّ الوضوء لم يكن عندهم هو الإنقاء حسب قول ابن عمر أو مبلغ الحلية
هو مبلغ الوضوء حسب قول أبو هريرة ، بل هو إتيان ما أمر
به الله ، ونزل به القرآن ، وأكّد عليه الرسول الأعظم .
وقد
أشار الإمام علي إلى المراحل الأربعة التي مرت بها الشريعة بعد رسول الله في خطبته
المعروفة بالشقشقية بقوله « يَكْثُر العِثارُ فيها ،
والاعْتِذارُ منها ، فصاحِبُها كَراكِب الصَّعْبَة :
إنَّ أشْنَقَ لها خَرَمَ ، وإنْ أسْلَسَ لها تَقَحَّم ، فَمُنِىَ الناسُ لَعَمْرُ
الله بِخْبْطٍ وشِماسٍ، وتَلوُّنٍ
واعْتِراضْ فَصَبَرْتُ على طولِ »[910] فالخبط وهو السير على غير الجاده حيث خلطت السياسة بين المرتدين
وغيرهم في عهد أبي بكر ، وإن عمر بن الخطاب كان يفتي بشيء ثم يفت بضده أو ما يخالفه تارة
[909] سنن أبي داود 1
: 31 / باب صفة وضوء النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم / ح 124 ، وعنه في سنن الكبرى 1 : 59 / باب
الإختيار في إستيعاب الرأس بالمسح / ح 276 .
[910] نهج البلاغة : 33 ، الخطبه رقم 3 المعروفة
بالشقشقية .