وإنّ
الواقف على مجريات الأحداث في العهد العبّاسيّ وخصوصا في النصف الثاني من عهد
المنصور إلى أواخر عهد الرشيد يعرف ما نقوله ،
كما أنّ العارف بأساليب الحكّام والإرهاب ضدّ أولاد عليّ وشيعته يدرك مدى الظلم الواقع على أهل البيت آنذاك .
إذ مرّ عليك سابقا خبر ريطة وجثث الهاشميين وتسليم تلك الخزانة للمهدي العبّاسيّ .
وخبر
يحيى بن عبدالله بن الحسن وان عيسى عمه لم يكن قادرا أن يصرح بأنّ بنته هي بنت
رسول الله وليس له أن يزوّجها لذلك السقّاء .
كما
قرأت قبلها عن بني الحسن وكيف ساومهم المنصور إذلالاً ،
وأودعهم بطون السجون المظلمة بحيث كانوا لا يعرفون وقت الصلاة فيها إلّا بتلاوة
عليّ ابن الحسن بن الحسن بن الحسن شيئا من القرآن .
إنّ من
يقف على هذه الأُمور يدرك أن التقيّة كانت هي السبيل الأوحد لبقاء فقه العلويين
ونهجهم ، موضحين بأنّ التقية لم تكن نفاقا كما يطرحه البعض ، إذ إنّ النفاق هو إظهار الإيمان مع كتمان الكفر . أمّا التقيّة فهي إظهار المسايرة والموافقة والعمل بخلاف الواقع لحفظ
الدماء والأعراض وما شابه ذلك ، مع كتمان الإيمان ضمانا لاستمرار مسيرة الخطّ الإسلاميّ الأصيل .
بعبارة
أُخرى : المنافقون هم الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، مثل قوله : وَإِذَا
لَقُواْ الَّذِينَ ءَامِنُواْ قَالُواْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْ إِلَى
شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنَ مُسْتَهْزِؤنَ[867] . فهذا إيمان ظاهر + كفر باطن = نفاق .