طال العهد العبّاسيّ أكثر من خمسة قرون ، وقد حفل بأحداث سياسيّة وتيّارات
فكريّة وحركة علميّة ،
ومظاهر حضاريّة ،
فلا نرى ضرورة بهذه العجالة اعطاء صورة تفصيليّة وتقديم فكرة شاملة لها ، بل نقتصر في الكلام عن العهد العبّاسيّ
الأوَّل ـ أي من عام 132 لغاية 232 ـ إذ أسست فيه غالب المذاهب الفقهية
الأربعة ،
ونظرا لعناية الحكّام بالجانب الثقافي والسعي في تدوين العلوم ، أحببنا تناول موضوع واحد من تلك المواضيع
الكثيرة المتشعّبة وذلك لارتباطه ببحثنا هنا وببحوثنا المستقبلية عن الفقه
الكلامي المقارن ،
ألا وهو :
الفقه ودور الحكام فيه
المعروف
عن الحركة العبّاسيّة ـ في بداية أمرها ـ أنّها كانت حركة دينيّة تدعو إلى (الرضا من آل محمّد) . وقد شمل هذا الشعار
بالفعل جميع فصائل المعارضة الإسلاميّة ضد الأمويّين ، إذ أنَّه شعار جماهيرى نبع من ضمير الأُمة ،
أدركته
وتفاعلت معه ، منذ مقتل الحسين بن
عليّ بكربلاء وسبي نسائه إلى الشام ، وحتّى سقوط الدولة الأمويّة .