بالربذة
ـ : إنَّ هذا الرجل فعل بك ما فعل ،
هل أنت ناصب لنا راية (يعني نقاتله) ؟
قال :
لا ؛ لو أنَّ عثمان سيّرني من المشرق إلى المغرب ، سمعت وأطعت[261].
كانت
هذه حالة الصحابة مع عثمان في السنوات الست الأُولى ـ حسبما حكته الصحاح والسنن ـ ، أمّا عندما رأوا أنَّ الدين على خطر ،
فقد تغيّرت سياستهم العامّة ووقفوا بوجهه وأفتوا بقتله ،
إذ مر عليك كلام السيّدة عائشة «اقتلوا نعثلاً ، فقد
كفر» وكلام غيرها .
وقد
أخرج الثقفي في تاريخه عن سعيد بن المسيّب ؛ قوله :
لم يكن مقداد وعمّار يصلّيان خلف عثمان ، ولا يسمّيانه بأمير
المؤمنين .
وعليه فالثورة ـ بنظرنا ـ لم تكن لأسباب شخصيّة ، ولا تنحصر في اختلاس ذوي رحم الخليفة
من بيت المال ،
وتولية الفسّاق ،
والتنكيل بالصحابة ،
وإرجاع المطرودين ،
وغيرها من الإحداثات المذكورة فحسب ، بل يمكن عزو الثورة إلى عامل دينيّ وهو : عدم العمل بالكتاب والسنّة النبويّة ، والاحداث والتغيير والتبديل في الدين
وإتيان ما لم يكن في الشريعة وتقديمه مواليه ، واخذه الاحكام عن أهل الكتاب ، وهذا وأمثاله هو الذي جعل بعض الصحابة
يوجب على نفسه التقرّب إلى الله بدم عثمان . بل ونرى من الصحابة من يوصي بعدم صلاة
عثمان عليه بعد وفاته[262] ، وثالث بشيء ثالث ورابع بامر رابع وهلم
جرا .
[261] فتح الباري 3 :
274 ، وأنظر : مصنف
بن أبي شيبة 7 : 524 / باب ما ذكر في عثمان / ح 37702 ، والطبقات الكبرى 4 : 277 .
[262] جاء في أنساب الأشراف 6 : 172 / باب
قول عبدالرحمن بن عوف في عثمان ، وكذا في شرح نهج البلاغة
لابن أبي الحديد 3 : 28 بان عبدالرحمن أوصى بأن لا يصلي عليه عثمان ، فصلى عليه الزبير أو سعد
بن أبي وقاص وقد كان حلف ـ لمّا تتابعت أحداث عثمان ـ أن لا يكلمه أبدا . وقد أوصى
ابن مسعود بمثل ذلك أيضا ، أنظر : شرح نهج البلاغة 3
: 42 .