فقال له
أبو ذرّ : والله ما وجدت لي عذرا إلّا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
فغضب عثمان ؛ وقال : أشيروا عَلَيّ في هذا الشيخ الكذّاب ، إمّا أن أضربه ، أو أحبسه ، أو أقتله ، فأنّه قد فرق جماعة المسلمين ! أو
أنفيه من أرض الإسلام !
إلى أن قال : فأجابه أبو ذرّ بقوله : ويحك يا عثمان ، أما رأيت رسول الله ورأيت أبا بكر وعمر ؟ هل رأيت هذا هديهم ؟! إنّك لتبطش بي بطش جبّار!
فقال
عثمان : أُخرج عنّا من بلادنا !
فقال
أبو ذرّ : ما أبغض إليَّ جوارك ، أين أخرج [256] ـ الخبر .
كانت
هذه سياسة عثمان مع الصحابة ، فإنَّ النصيحة تستوجب النقمة والإبعاد ،
وتهمة تفريق جماعة المسلمين وراء من يريد النصح للّه !
أو لم
تكن رغبة الناصح هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟
أوَ لَم يقل أبو بكر لجموع المسلمين : قد وليّت عليكم ولست
بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوّموني[257] ؟
ثمّ أوَ لَم يتبع عمر أبا بكر في سيرته بهذا الشأن ؟
فلماذا
لا يقبل عثمان نهج من سبقه ؛ ولماذا لا نراه يستشير الصحابة في الأحكام الشرعيّة ، كما كان الشيخان يفعلانه ، بل يريد أن يُحدث في
الأحكام
[256] الفتوح لابن
أعثم 2 : 374 ، شرح
نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 : 56 ـ 57 / الطعن التاسع ، والمتن منه و 8 : 260 .
[257] سيرة ابن هشام 6
: 82 / أمر سقيفة بني ساعدة ،
الكامل في التاريخ 2 : 194 / حديث السقيفة ، البداية والنهاية 6 : 301 .