وتقريب الإستدلال بها أن يقال :
إنّ اسم الموصول يُحتمَلُ فيه بدْواً عدّةُ احتمالات :
(1) ـ أن يكون المرادُ به (التكليف)
أي لا يكلِّفُ اللهُ نفساً تكليفاً أو بتكليفٍ إلا التكليفَ الذي آتاها ، ويكون
إيتاء التكليف وإعطاؤه بمعنى إيصاله إلى المكلَّف خارجاً ، أي لا يكلّف الله نفساً
إلاّ بما أعلمها به .
(2) ـ أن يكون المراد به (المال)
وإيتاؤه عبارة عن الرزق ، أي لا يكلِّفُ اللهُ نفساً مالاً أو بمالٍ إلا المالَ
الذي رزقه إيّاه ، أي إلاّ بالمقدار الذي رزقهم . فيكون الفرق بين هذا المعنى
والمعنى السابق هو أنّ المعنى السابق ناظرٌ إلى عدم الإلزام إلا إذا أعلمَ
المولى الناسَ به ، والثاني ناظرٌ إلى عدم التكليف بالنفقة إلاّ بحسب القدرة ، وعليه فيكون المرادُ
من قوله تعالى (ما) في المعنى الأوّل هو الإعلام وهو مغايرٌ للمعنى الثاني الذي هو
الإقدار على النفقة .
(3) ـ أن يكون المراد به (الفعل)
وإيتاءُ الفعل وإعطاؤه عبارةٌ عن الإقدار عليه ، أي لا يكلِّفُ اللهُ نفساً بفعلٍ
إلا الفعلَ الذي أقدره عليه ، أي لا يكلّف اللهُ نفساً بفعلٍ إلاّ بمقدارِ ما
أقدرهم عليه ، وهو قريب من الإحتمال الثاني ، إلاّ أنّ الإحتمال الثالث أعمَّ من
الإحتمال الثاني .
(4) ـ أنْ يكون المراد به (الشيء الجامع
بين هذه الأمور) ويكون المراد بالإيتاء إعطاءَ كلٍّ بحسبه ، فإعطاءُ التكليف إيصالُه
، وإعطاءُ المال رِزْقُه ، وإعطاءُ الفِعل الإقدارُ عليه ، فكأنّ المولى تعالى
يقول "لا يكلِّفُ اللهُ نفساً إلاّ ما آتاها من قدرة ومال وعلم" ، فيكون
الإحتمال الرابع أعمَّ من الكلّ .
والآية الشريفة على الإحتمالَين
الأوّل والرابع تدلّ على البراءة ، وعلى الثاني والثالث أجنبـية عنها .
[634]سورة الطلاق .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 632