responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 540

 

على الإجماع الحدسيّ الذي لا يكون حجّة .. فالفرقُ بـينهما واسع ، وسيأتيك بعد قليل نُدرةُ كاشفية الإجماع الفتوائي عن رأي المعصومين (ع) ، إضافةً أيضاً إلى عدم وضوح عموم التعليل في هذه المقبولة ليشمل الإجماع الفتوائي .

وروى العامّة عن النبي (ص) أنه قال ـ ما محصّله ـ "إنّ اُمّتي لا تجتمع على ضلالة" ، وهي مجموعة روايات محصّلُها ما ذكرنا .

ويَرِدُ عليها :

1 ـ إنها ضعيفة السند عندنا وعندهم ، بل هي لم ترد في الصحاح الستّة ، وذكرها الحاكمُ في مستدركه على صحيح البخاري ومسلم مشيراً إلى عدم نقاء السند .

نعم روى في الخصال عن الصادق عن أبـيه عن جدّه (ع) في قصّة احتجاج عليّ (ع) على أبي بكر ، حيث تمسّك أبو بكر في تلك القصة بقول رسول الله (ص) "إنّ الله لا يَجمَعُ اُمّتي على ضلال" ، وعليّ (ع) ناقَشَهُ في دلالة الحديث ، ولم يناقش في أصل صدور الكلام ، وكأنه مسَلِّمٌ بصدور الحديث ! والجواب : إنّ السند مشتمل على مجاهيل[546] .


[546]) أخذنا هذا الردّ من مباحث الاُصول الجزء الثاني من القسم الثاني ص 289 . راجع الرواية في الخصال للشيخ الصدوق ح 30 ص 548 ، وهي رواية طويلة ، هذا بعضُها قال : حدثـنا أحمد بن الحسن القطان قال حدثـنا عبد الرحمن بن محمد الحسني قال حدثـنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي قال حدثـنا الحسن بن عبد الواحد قال حدثـني أحمد بن التغلبي قال حدثـني أحمد بن عبد الحميد قال حدثـني حفص بن منصور العطار قال حدثـنا أبو سعيد الوراق عن أبـيه عن جعفر بن محمد عن أبـيه عن جدّه (ع) قال : لمّا كان مِن أمْرِ أبي بكر وبـيعةِ الناس له وفِعْلِهِم بعلِيّ بن أبي طالب (ع) ما كان ، لم يزل أبو بكر يُظهِرُ له الإنبساطَ ويَرى منه انـقباضاً ، فكَبُرَ ذلك على أبي بكر فأحب لقاءه واستخراج ما عنده والمعذرة إليه لما اجتمع الناس عليه وتقليدهم إياه أمْرَ الأمة وقلة رغبته في ذلك وزهده فيه ، أتاه في وقت غفلة وطَلَبَ منه الخلْوَةَ ، وقال له : والله يا أبا الحسن ما كان هذا الأمر مواطاةً مني ، ولا رغبة فيما وقعت فيه ، ولا حرصاً عليه ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأمة ولا قوة لي لمال ولا كثرة العشيرة ولا ابتزاز له دون غيري ، فمالَك تُضْمِرُ علَيّ ما لم أستحقَّه منك وتُظهِرُ لي الكراهةَ فيما صرتُ إليه وتـنظر إليّ بعين السأمة مني ؟ قال فقال له (ع) : فما حَمَلَك عليه إذا لم ترغب فيه ولا حرصت عليه ولا وثقت بنفسك في القيام به ، وبما يحتاج منك فيه ؟ فقال أبو بكر : حديث سمعته من رسول الله (ص) "إنّ الله لا يجمع أمتي على ضلال" ولما رأيت اجتماعَهم اتبعت حديث النبـي (ص) وأحَلْتُ أن يكون اجتماعُهم على خلاف الهدى ، وأعطيتُهم قِوَدَ الإجابة ، ولو علمت أن أحداً يتخلف لامتـنعت ، قال فقال عليّ (ع) : أمّا ما ذكرت من حديث النبـي (ص) "إن الله لا يجمع أمتي على ضلال" أفكنت مِنَ الاُمّةِ أو لم أكن ؟ قال : بلى ، قال : وكذلك العصابة الممتـنعة عليك من سلمان وعمار وأبي ذر والمقداد وابن عَبّادة ومَن معه من الأنصار ؟ قال : كلٌّ مِنَ الأمة ، فقال عليّ : فكيف تحتج بحديث النبي وأمثالُ هؤلاءِ قد تخلفوا عنك ، وليس للأمة فيهم طعن ولا في صحبة الرسول (ص) ونصيحته منهم تقصير ، قال : ما علمت بتخلفهم إلا من بعد إبرام الأمر ، وخِفْتُ إنْ دَفَعْتُ عني الأمْرَ أن يتـفاقم ، إلى أن يرجع الناس مرتدين عن الدين ، وكان ممارستكم إليّ ـ إن أجبتم ـ أهونَ مؤونةٍ على الدين ، وأبقى له مِن ضرْبِ الناس بعضهم بـبعض فيرجعوا كفاراً ، وعلمتُ أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم وعلى أديانهم ، قال عليّ (ع) : أجل ، ولكن أخبِرْني عن الذي يستحق هذا الأمر بما يستحقه ؟ فقال أبو بكر : بالنصيحة والوفاء ورفع المداهنة والمحاباة وحسن السيرة وإظهار العدل والعلم بالكتاب والسنة وفصل الخطاب ، مع الزهد في الدنيا وقلة الرغبة فيها وإنصاف المظلوم من الظالم القريب والبعيد ، ثم سكت ، فقال عليّ (ع) : اُنشِدُكَ بالله يا أبا بكر ، أفي نفسك تجد هذه الخصال أو فيَّ ؟ قال : بل فيك يا أبا الحسن ... فلم يزل (ع) يَعُدُّ عليه مناقِبَهُ التي جعل الله له دونه ودون غيره ويقول له أبو بكر : بل أنت ، قال : فبهذا وشبهه يستحق القيام بأمور أمة محمّد ، فقال له عليّ (ع) : فما الذي غرك عن الله وعن رسوله وعن دينه وأنت خُلْوٌ مما يحتاج إليه أهلُ دينه ؟ قال : فبكى أبو بكر وقال : صدقت يا أبا الحسن ، اَنْظِرْني يومي هذا ، فادَّبَّرُ ما أنا فيه وما سمعتُ منك ، قال فقال له عليّ : لك ذلك يا أبا بكر ، فرجع مِن عندِهِ وخلا بنفسه يومَه ولم يأذن لأحدٍ إلى الليل ، وعمر يتردد في الناس لما بلغه من خلوته بعليّ (ع) ، فبات في ليلته فرأى رسول الله (ص) في منامه متمثلاً له في مجلسه فقام إليه أبو بكر ليُسَلِّمَ عليه فولى وجهَه ، فقال أبو بكر : يا رسول الله هل أمرتَ بأمْرٍ فلم أفعل ؟ فقال رسول الله (ص) : أرد السلام عليك وقد عاديت الله ورسوله ؟! وعاديت مَن والَى اللهَ ورسولَه ؟! رُدَّ الحقَّ إلى أهله ، قال فقلت : مَن أهلُه ؟ قال : مَن عاتبك عليه ، وهو علِيّ ، قال : فقد رددت عليه يا رسول الله بأمرك ، قال : فأصبح وبكى ، وقال لعليّ (ع) : اُبْسُطْ يدَك ، فبايعه وسَلَّمَ إليه الأمْرَ ، وقال له : اَخرُجُ إلى مسجد رسول الله (ص) فاُخبرُ الناسَ بما رأيتُ في ليلتي وما جرى بـيني وبـينك ، فاُخرِجُ نفسي من هذا الأمر واُسَلِّمُ عليك بالإمرة ، قال فقال له عليّ (ع) : نعم ، فخرج مِن عندِهِ متغيّراً لونُه ، فصادفه عمر وهو في طلبه فقال له : ما حالك يا خليفة رسول الله ؟ فأخبره بما كان منه وما رأى وما جرى بـينه وبين عليّ (ع) ، فقال له عمر : اُنْشِدُك بالله يا خليفة رسول الله أن تَغْتَرَّ بسِحْرِ بني هاشم ، فليس هذا بأوّل سِحْرٍ منهم .. فما زال به حتى رده عن رأيه وصرَفَهُ عن عزمه ورغَّبَهُ فيما هو فيه وأمَرَهْ بالثبات عليه والقيام به ، قال : فأتى عليّ (ع) المسجدَ للميعاد فلم يَرَ فيه منهم أحداً ، فأحسَّ بالشرِّ منهم ، فقعد إلى قبر رسول الله ، فمَرَّ به عمر فقال : يا عليّ ، دُوْنَ ما تَرُومُ خَرْطُ القَتاد ، فعَلِمَ بالأمر وقام ورجع إلى بـيته .. إلخ .. أقول : حفص بن منصور العطار مهمل في الرجال ، أي أنهم لم يذكروه ، وأمّا أبو سعيد الوراق فقد قال عنه الخطيب البغدادي (المتوفى سنة 463 هـ ق) في كتابه تاريخ بغداد ج 7 تحت رقم 3914 ص 397 أنه هو "الحسن بن علي بن عبد الله بن حماد بن زكويه ، وقد ذكر ابن الثلاج أنه حدثه عن يحيى بن هارون الأهوازي" ، فلم نعرف مدى وثاقته ، كما أنـنا لم نعرف أباه ، كما أنّ أحمد بن عبد الحميد مهمل أيضاً ، ولكن نفس نصّ هذه الرواية يدلّ على حسن هؤلاء الرواة وكمالهم .

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 540
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست