اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 477
قلتُ : هذا صحيح ، ولذلك
تخرج هكذا حالات ـ ضارّة بالآخرين ـ من موضوع هذه الآية ، وتدخل في باب الدعاوَى ،
فتحتاج ح إلى شاهدَين عادلَين . إذن ، بالعنوان الأوّلي : كلامُ المؤمنين حجّة ،
أمّا في باب الدعاوى والإتّهام بالزنا والقتل ونحو ذلك فمسألة ثانية .
3 ً ـ إنّ قولَه تعالى
[.. هُوَ أُذُنٌ ..] يُفيدُ أنه كان سريعَ التصديق للمؤمنين ، وليس ذلك إلاّ
لحجيّة أقوالهم شرعاً في الموضوعات .
* هذا ، ولكن رغم ما قلنا ، يصعب
القول بدلالة آية الأُذُن على حجيّة خبر المؤمن ، وذلك لوجود عدّة احتمالات في
تصديقه للمؤمنين :
1 ـ هل أنه (ص)
كان يصدّق المؤمنين إذا كانوا شاهدَين عادلَين ـ كما في حالات الدعاوَى ـ فيكون
التصديقُ تعبدياً ؟ وهذا التصديق لهم أمْرٌ يَرفضُه الكفّار لأنه تعبّدي .
2 ـ أم أنه (ص)
كان يصدّقهم إذا حصل عنده من قول الثقة ـ حتى ولو كان واحداً ـ عِلْمٌ أو اطمئـنان
، إيماناً واعتقاداً من النبي (ص) أنّ المؤمن لا يكذب أو قُلْ إنّ الأصل
في كلام المؤمن أنه صدق ، فلأجل هذا الإعتقاد بصدق المؤمن عادةً كان يحصل عنده ـ
غالباً أو دائماً ـ علمٌ ، ولعلّهم لذلك وَصَفُوهُ بأنه [اُذُن] أي أنه سريع
التصديق للمؤمنين ، بخلاف المنافقين الذي يستهزئون بالمؤمنين ولا يصدّقونهم ، ولو
مكابَرَةً وتَعَـنُّـتاً .
3 ـ أم أنه (ص)
كان يصدّق مطلقَ المؤمن حتى ولو لم يحصل من كلامه عند النبي علمٌ ، بمعنى أنّ وجوب
تصديق المؤمنِ أمْرٌ تعبّدي شرعي ، وهذا أيضاً أمْرٌ يكرهه المنافقون لأنه إعطاء
الحجيّة لخبر المؤمن تعبّداً .
الظاهر جداً الثاني ، وهو أنه (ص) كان [يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ] من باب حُسنِ الظنّ بالمؤمنين ومن باب
الرحمة بهم والحبّ لهم ، وذلك بقرينة استعمال كلمة [يؤمن] التي تفيد المعنى
المذكور ، تقول أنا أُؤمن لك لإيماني بدينك وتقواك ، أي أنا أصدّقك بسبب إيمانك
وتقواك ، فكان لاعتقاده بإيمانهم ولشدّة حبّه لهم سريعَ التصديق لهم ، وأيضاً لئلاّ
يقعَ المؤمنون في الحرج من عدم تصديقه (ص)
لهم ، أو من باب أنّ الأصل ـ بسبب إيمانهم وتقواهم ـ هو صِدْقُهم ، لا من باب أنّ
قولهم حجّة تعبّداً ، ولا طريق لنا ـ من خلال هذه الآية ـ للقول بأنّ هذه الآية
المباركة بصدد إعطاء الحجيّة التعبّديّة لخبر المؤمن الواحد .
* * *
* *
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 477