responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 240

 

وكذلك الآية المباركة الثانية فإنها تـفيد أنّ الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا سيعذّبهم الله تعالى في الدنيا والآخرة ، حتى ولو لم يـبدُرْ منهم أيُّ فعلٍ وأيّ حركة . واستحقاق العذاب هذا إنما كان ـ واللهُ العالِم ـ لمجرّد وجود نيّة سيئة اتّجاه المؤمنين وحب لشياع الفاحشة فيهم حتى ولو لم يـبدر منهم أيّ فعل ، وليس ذلك إلاّ لأنّ في قلوبهم حقداً على المؤمنين .

وأمّا الآيةُ الثالثة فقد اعتبرت أنّ المتأخّرين عن الأوائل ـ الذين هم القتلة الحقيقيون ـ هم أيضاً قتَلَة كالأوائل ، مع أنهم في زمان رسول الله (ص) ولم يـبدر منهم أيّ عمل أو مشاركة في قتل الإنبـياء ! إذن ليس الخطاب معهم بصيغة أنهم القتلة إلاّ لأنهم رَضُوا بفِعْلة السابقين .

وكذلك الأمرُ تماماً في الآيةِ الرابعة فإنها تـفيد أنّ الدَّارَ الآخِرَةَ هي لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُواًّ فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً ، ممّا يعني أنّ الله عزّ وجلّ يعطي الدار الآخرة إلى أصحاب النيّات الحسنة والمتواضعين الذين لاَ يُرِيدُونَ عُلُواًّ فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً ..

هذه الآيات الأربعة المباركات تـناسب أحكام العقل تماماً وتـناسب الطائفةَ الثانية من الروايات الآتية وهو استحقاق العقاب والثواب على مجرّد النيّة .

أقول : لم يظهر من هذه الآيات المباركة أنّ الفعل المتجرّى به هو بنفسه حرام شرعاً ، ولا أنّ نفس التجرّي حرام ، وإنما تـفيد أنّ المتجرّي يستحقّ العقاب لا أكثر ، وذلك لشدّة قبح أن يتجرأ المكلّف على معصية الله تبارك وتعالى ، ويكفي أن يكون (شربُ الخمر) حراماً شرعاً ، أمّا (شرب مقطوع الخمريّة) فلا داعي لأن يكون حراماً شرعاً ، لا بل تشريع حرمته لغو محض ، لأنّ المطيع سيطيع من دون النهي الثاني ، والعاصي الذي لا يستجيـب للنهيِ عن شرب الخمر لن يستجيـب للنهي عن مقطوع الخمرية ، على أنه لا يمكن أن يكون شربُ مقطوعِ الخمرية حراماً شرعاً إن كان في الواقع خلاًّ .

والنـتيجة هي عدم حرمة التجرّي شرعاً ، وإن كان المكلّف يستحقّ عليه العقاب ، وذلك لأنّ موضوع العقاب وسبـبه هو سوء النيّة ، لا أنّ موضوع العقاب هو نفس فِعْلِ التجرّي .

 

* وأمّا من الأخبار :

فهناك طائفتان من الروايات :

طائفةٌ تـفيد بأنّ الله تبارك وتعالى جَعَل لآدم (ع) في ذرّيته أنّ مَن هَمّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، ومَن هَمّ بحسنة وعملها كتبت له عشراً ، ومَن هَمّ بسيّئةٍ لم تُكتَبْ عليه ، ومَن هَمّ بها

اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب    الجزء : 1  صفحة : 240
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست