اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 209
الجعولات الشرعية ، لكن هنا حيث
لا يمكن بالذات ، كان لا بدّ من الإهمال في الجعل الأوّل والتقيـيد في المرحلة
الثانية ، لكي يتحقّق جعل واحد حقيقي .
إذن النسبة بين الإهمال
والتقيـيد ـ في مرحلتَي الملاك والجعل ـ هي نسبة العدم والملكة ، وذلك لأنه لا
يمكن لحاظ التقيـيد بالعِلْم في الجعل الأوّل ، لكن كأنها نسبة المتـناقضين ، لأنّ
الجعل الأوّل لم يلحظ فيه التقيـيد بالعلم ، فكأنه عدم محض أو قُلْ عدم مطلق ،
ولذلك توهّم سيدنا الشهيد بأنّ النسبة بـينهما هي نسبة المتـناقضين , ثم قال
"وهكذا يتضح أنّ الإطلاق يكفي فيه مجرد عدم لحاظ التقيـيد"(إنـتهى) .
وأنا اُجلّ اللهَ تعالى أن أنسب
له ـ في مرحلة الجعل الأوّل ـ عدمَ اللحاظِ المطلقَ للإطلاق أو التقيـيد ، فنقتصر
في ذلك على مقدار الضرورة العقلية ، فنقول بأنه لم يلحظ تقيـيد الجعل الأوّل بالعِلم به ، وذلك من باب الإستحالة
العقلية ، وهذا يقتضي أن نقول بالعدم والملكة ، أي عدم لحاظ قيد العِلْم في المكان
الذي لا يمكن لحاظُه عقلاً ، فهو عدمٌ مضاف لا عدم مطلق ، ولا أنسِبُ إلى المولى
عزّ وجلّ أنه لم يلحظ شيئاً ، فهذا ما لا أتصوّره في الله، والسيدُ الشهيد أعلمُ بما
قصد ، فأنا القاصرُ يمكنُ لي ـ عند إطلاق كلمةٍ ما لولدي ككلمة (العالِم) في قولي
له (اَكرِمِ العالِمَ) ـ أنّي لم أتصوّر أصلاً عالِمَ الذرّة أو عالِمَ الآثار
ونحو ذلك ممّا لم ألتـفت إليه عند أمري السابق وذلك لقصور عقلي عن الإلتـفات إلى
كلّ القيود أوّلاً ثم نفيِها ، ولكنْ عدمُ الإلتـفاتِ عند المولى تعالى ـ الذي
كلّه عقل بل هو عينُ العِلمِ الفعلي ـ أمرٌ لا يتصوّر ، ولعلّه لذلك غيّر السيد
الخوئي رأيَه السابق بالعدم
والملكة إلى القول بالتضادّ بـينهما تحاشياً عن نسبة (عدم اللحاظ) إلى الباري
تعالى ، ولا بأس بقوله هذا ، وهو أنّ الباريلاحَظَ الإستحالةَ عند لحاظ القيد فجَعَلَ الجعْلَ المهملَ أوّلاً ،
ولاحظَ إهمالَه ولاحظَ عدمَ تقيـيده بالعِلْم به في المرحلة الاُولى ، ثم جعَلَ
الجعْلَ الثاني .
ولعلّ سيدنا الشهيد يريد أن
يقول بأنه أخيراً لم يكن يمكنُ التقيـيدُ بالعلم ، فإذن المولى تعالى ـ كنـتيجة ـ
لم يلحظ ، وهذا (عدم) بلحاظ التقيـيد الفعلي (الوجودي) فيكونان إذن متـناقضين .
* المقام الثاني : في أخذ
العلم بالحكم من غير طريق العقل في موضوع حجيّة العلم ، كما يدّعي الأخباريون من
أنه يشترط في حجيّة العلم أن يكون ناشئاً من غير العقل ؟ أليس هذا سلباً للحجيّة
من القطع ؟
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 209