واقعه
ولذا لا يتحرك فيما اذا لم يعلم به ويتحرك نحو سراب فيما اذا زعمه ماء
فالعلم منشأ للعقد القلبي والبناء العملي على طبقه ولعله باعتبار هذه الجهة
يسمى اعتقادا لما فيه من عقد القلب على طبقه ولا ملازمة بين هذه الجهة
والجهتين الاوليتين فان الانسان قد يكون عالما بشيء ومع ذلك لا يكون له عقد
قلبي على طبقه فان الكفار مع كونهم قاطعين بان ما يأتي به الانبياء من
المعجزات آيات لصدق دعواهم لم يكن لهم عقد قلبي على طبقها في مقام العمل
كما ينبىء عن ذلك قوله سبحانه (وجاهدوا بِهٰا وَاسْتَيْقَنَتْهٰا أَنْفُسُهُمْ)[1]
اذ ليس المراد بالجهود الانكار باللسان فقط ليكون ما ارتكبوه كذبا موجبا
لفسقهم بل المراد به الانكار القلبي وعدم الاعتقاد بها ولذا اوجب ذلك كفرهم
فلا ملازمة بين هذه الجهة والجهتين الاوليتين لا مكان تخلفها عنهما بخلاف
الجهتين الاوليتين فانهما متلازمان ضرورة عدم امكان تخلف طريقية القطع عن
نفسه.
المقدمة الثانية- في بيان المجعول في الطرق والامارات، والاصول العملية وان
المستفاد من ادلة حجتيها ما هو؟ فنقول: اما الطرق والامارات فالحق ان
المجعول فيها انما هو الطريقية والوسطية في الاثبات بمعنى ان الشارع جعلها
كالعلم في كونها طريقا الى الواقع وكاشفة تامة عنه بعد ان كانت طريقتيها
ناقصة في نفسها فتكون المجعول فيها هي الجهة الثانية من العلم اعني بها
كونه طريقا الى الواقع وكاشفا تاما عنه فان ادلة حجيتها- سواء كانت السيرة
العقلائية الممضاة من قبل الشارع ام كانت الروايات الآمرة بوجوب العمل بما
يرويه الثقات- ظاهرة في جعلها كالعلم طريقا الى الواقع وكاشفا عنه.
اما السيرة العقلائية فلان عمل العقلاء بالطرق والامارات انما هو من
[1] سورة النمل- آية 14.