و يمكن تقرير كلامه: بأنّ الصحّة من كلّ عنوانٍ عبارة عن التامّ منه؛ بحيث يكون ما وجد في الخارج، و يكون متوقّعاً منه أن يكون مصداقَ ذلك العنوان، يكون جامعاً لجميع الخصوصيّات المعتبرة في ذلك العنوان؛ بحيث يصدق عليه العنوان، فالصحّة أو الفساد لا يمكن أن يكون وصفاً لذات العنوان؛ لأنّ كلّ عنوانٍ لا يكون إلّا نفسه، فطبيعة الصلاة لا تنقسم إلى الصحيح و الفاسد؛ للزوم انقسام الشيء إلى نفسه و غيره، بل ما يتّصف بهما إنّما هو الموجود الخارجي الذي يتوقّع منه كونه مصداقاً للعنوان، فإن كان جامعاً للخصوصيّات المعتبرة في العنوان يكون صحيحَ ذلك العنوان، و إلّا يكون فاسدَه، فإذن إذا تعلّق نهي تحريميّ بمعاملةٍ أو عبادةٍ، دلّ النهي على أنّ تحقّق هذا العنوان في الخارج يكون مبغوضاً، و أنّ المكلّف قادر على إيجاد مصداقه في الخارج بجميع الخصوصيّات المعتبرة فيه؛ لأنّ النهي لا يمكن أن يتعلّق بغير المقدور، فإذا حرم على الحائض الصلاة أيّام حيضها، يكون لا محالة إيجاد المصداق الجامع لجميع الخصوصيّات مقدوراً لها، و الفرض أنّ الصحة من كلّ عنوانٍ عبارة عن ذلك، و هذا معنى دلالة النهي على الصحّة. هذا.
و فيه: أنّه مغالطة و خلط؛ فإنّ المقصود من دلالة النهي على الصحّة في العبادات إن كان أنّ عنوان هذا المفهوم يمكن أن يوجد في الخارج و لو لم يتقيّد بقصد التقرّب، فهذا أمر ممكن، لكنّه ليس مورداً لبحث الأعلام.
[1] روضة الناظر و جنّة المناظر: 123- 124، شرحا البدخشي و الأسنوي: 69- 73.
اسم الکتاب : لمحات الأصول المؤلف : بروجردى، حسين الجزء : 1 صفحة : 260