و الأولى صرف الكلام أوّلا إلى الحكم الكلّي، ثمّ الكلام في الروايات الخاصّة،
فيقع الكلام في مقامين:
[المقام الأول] ما يمكن أن يستدلّ به على الحكم
أحدهما: فيما يمكن أن يستدلّ به على الحكم و هو أمور:
[أحدها:] التمسّك بحكم العقل بقبح إعانة الغير على المعصية
أحدها: حكم العقل بقبح إعانة الغير على معصية المولى و إتيان مبغوضه، فكما أنّ إتيان المنكر قبيح عقلا، و كذا الأمر به و الإغراء نحوه قبيح، كذلك تهيئة أسبابه و الإعانة على فاعله قبيح عقلا موجب لاستحقاق العقوبة.
و لهذا كانت القوانين العرفيّة متكفّلة لجعل الجزاء على معين الجرم و إن لم يكن شريكا في أصله. فلو أعان أحد السارق على سرقته و هيّأ أسبابه و ساعده في مقدّماته، يكون مجرما في نظر العقل و العقلاء و في القوانين الجزائيّة.
و قد ورد نظيره في الشرع فيما لو أمسك أحد شخصا و قتله الآخر و كان ثالث نظر لهما، أنّ على القاتل القود، و على الممسك الحبس حتى يموت، و على الناظر أو الربيئة تسميل عينيه [1].
و لا منافاة بين ذلك و بين ما حرّرناه في الأصول من عدم حرمة مقدّمات الحرام مطلقا [2]، لأنّ ما ذكرناه في ذلك المقام هو إنكار الملازمة بين حرمة الشيء
[1] الوسائل 19- 35، كتاب القصاص، الباب 17 من أبواب قصاص النفس، الحديث 3.
[2] تهذيب الأصول 1- 283، مقدّمة الحرام، في الفصل الرابع من المقصد الأوّل.