اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 13 صفحة : 164
الأمن ، وليس تقوم الرعية إلّا بهم ، ثم لا قوام للجنود إلّا بما يخرج الله
لهم من
الخراج ، الذي يقوون به في جهاد عدوهم ، ويعتمدون عليه فيما أصلحهم ،
ويكون من وراء حاجتهم ، ثم لا قوام لهذين الصنفين إلّا بالصنف الثالث من
القضاة والعمال والكتاب ، لما يحكمون من المعاقد ، ويجمعون من المنافع ،
ويؤتمنون عليه من خواص الأمور ، وعوامها ، ولا قوام لهم جميعاً إلّا بالتجار
وذوي الصناعات ، فيما يجتمعون عليه من مرافقهم ، ويقيمون من أسواقهم ،
ويكفونهم من الترفق بأيديهم ، ممّا لا يبلغه رفق غيرهم. ثم الطبقة السفلى من
أهل الحاجة والمسكنة ، الذين يحق رفدهم ومعونتهم ، وفي الله لكلّ سعة ، ولكلّ
على الوالي حقّ بقدر ما يصلحه ، وليس بخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه الله تعالى
من ذلك ، إلّا بالاهتمام والاستعانة [بالله] [٩٦] ، وتوطين نفسه على لزوم الحقّ
والصبر عليه ، فيما خفّ عليه أو ثقل ، فولّ من جنودك أنصحهم في نفسك لله
ولرسوله ولإمامك ، وأنقاهم جيباً ، وأفضلهم حلماً ، ممن يبطئ عن الغضب ،
ويستريح إلى العذر ، ويرأف بالضعفاء ، وينبو على الأقوياء ، ممن لا يثيره
العنف ، ولا يقعد به الضعف ، ثم الصق بذوي الأحساب والبيوتات الصالحة
والسوابق الحسنة ، ثم أهل النجدة والشجاعة والسخاء والسماحة ، فإنّهم جماع
من الكرم ، وشعب من العرف ، ثم تَفَقد من أمورهم ما يَتَفقده الوالدان من
ولدهما ، ولا يتفاقمنّ في نفسك شيء قويتهم بهم ، ولا تحقرنّ لطفاً تعاهدتهم به
وإن قلّ ، فإنّه داعية لهم إلى بذل النصيحة لك وحسن الظن بك ، ولا تدع تَفَقُد
لطيف أمورهم اتكالاً على جسيمها ، فإنّ لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به ،
وللجسيم موقعاً لا يستغنون عنه ، وليكن آثر رؤوس جنودك عندك ، من واساهم
في معونته ، وأفضل عليهم من جدته ، بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف
أهليهم ، حتّى يكون همهم هماً واحداً في جهاد العدو ، فإنّ عطفك عليهم يعطف
قلوبهم عليك ، وإنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد ، وظهور مودة
الرعية ، وأنّه لا تظهر مودتهم إلّا بسلامة صدرهم ، ولا تصح نصيحتهم إلّا