اسم الکتاب : مستدرك الوسائل المؤلف : المحدّث النوري الجزء : 13 صفحة : 161
قبلك ، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم ، وإنّما يستدل على الصالحين بما يجري
الله لهم على ألسن عباده ، فليكن أحبّ الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح ،
فاملك هواك ، وشح بنفسك عمّا لا يحلّ لك ، فإنّ الشح بالنفس الانصاف منها
فيما أحببت وكرهت ، وأشعر قلبك الرحمة بالرعية ، والمحبة لهم ، واللطف بهم ،
ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في
الدين ، وإمّا نظير لك في الخلق ، يفرط منهم الزلل ، ويعرض لهم العلل ،
ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ ، فاعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي
تحب ان يعطيك الله من عفوه وصفحه ، فإنّك فوقهم ، ووالي الأمر عليك
فوقك ، والله فوق من ولاك ، وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم ، ولا تنصبن
نفسك لحرب الله ، فإنّه لا يد لك [٨٥] بنقمته ، ولا غنى بك عن عفوه ، ولا تندمنّ
على عفو ، ولا تبجحنّ بعقوبة ، ولا تسرعنّ إلى بادرة وجدت عنها مندوحة ، ولا
تقولن إنّي مؤمَّر آمر فأطاع ، فإنّ ذلك ادخال [٨٦] في القلب ، ومنهكة في الدين ،
وتقرب من الغِيَر ، وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطان أبهة أو مخيلة [٨٧] ، فانظر
إلى عظم ملك الله فوقك ، وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك ، فإنّ
ذلك يطامن إليك من طماحك [٨٨] ، ويكف عنك من غربك [٨٩] ، ويفي إليك بما
عزب عنك من عقلك ، إيّاك ومساماة الله في عظمته ، والتشبه به في جبروته ،
فإنّ الله يذل كلّ جبار ، ويهين كلّ مختال ، أنصف الله وأنصف الناس ، من
نفسك ومن خاصة أهلك ، ومن لك فيه هوى من رعيتك ، فإنّك أن لا تفعل
تظلم ، ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده ، ومن خاصمه الله أدحض
حجّته ، فكان [٩٠] لله حرباً حتّى ينزع ويتوب ، وليس شيء ادعى إلى تغيير
نعمة