اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 57 صفحة : 255
اشتملت على أدلة مجملة من تأمل فيها يحصل له القطع بالمقصود ، ألا ترى إلى قولهم : في مواضع « لو كان الكلام قديما لكان إلها ثانيا » وقولهم « وكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه » إشارة إلى أن الجعل لا يتصور للقديم ، لان تأثير العلة إما إفاضة أصل الوجود وإما إفادة بقاء الوجود و استمرار الجعل الاول ، و الاول هي العلة الموجدة ، والثاني هي المبقية ، والموجود الدائمي محال أن تكون له علة موجدة كما تحكم به الفطرة السليمة ، سواء كان بالاختيار أو بالايجاب لكن الاول أوضح وأظهر.
ومما ينبه عليه أن في الحوادث المشاهدة في الآن الاول تأثير العلة هو إفاضة أصل الوجود ، وفي كل آن بعده من آنات زمان الوجود تأثير العلة هو إبقاء الوجود واستمرار الجعل الاول ، فلو كان ممكن دائمي الوجود فكل آن يفرض من آنات زمان وجوده الغير المتناهي في طرف الماضي فهوآن البقاء واستمرار الوجود ، ولا يتحقق آن إفاضة أصل الوجود ، فجميع زمان الوجود هو زمان البقاء ، ولا يتحقق آن ولا زمان للايجاد وأصل الوجود قطعا [١].
فنقول في توجيه الملازمة في الخبر الاول : لو كان الكلام الذي هو فعله تعالى قديما دائمي الوجود لزم أن لا يحتاج إلى علة أصلا ، أما الموجدة فلما مر ، وأما المبقية فلانها فرع الموجدة ، فلو انتفى الاول انتفى الثاني بطريق أولى ، والمستغني عن العلة أصلا هو الواجب الوجود ، فيكون إلها ثانيا وهو خلاف المفروض أيضا لان المفروض أنه كلام الواجب وفعله سبحانه. ومثله يجري في الخبر الثاني. ويؤيده ما روى في الكافي وغيره في حديث الفرجة عن الصادق 7 حيث قال للزنديق : ثم يلزمك إن ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتى يكونا اثنين ، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما. فيلزمك ثلاثة « الخبر » [٢] حيث حكم على الفرجة
[١]من الواضح اختصاص هذا البيان بما هو واقع في ظرف الزمان دون نفسه وما هو خارج عنه.
[٢]الكافى : ج ١ ، ص٨١.
اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط مؤسسةالوفاء المؤلف : العلامة المجلسي الجزء : 57 صفحة : 255