responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني    الجزء : 1  صفحة : 6

فساد التدبير، و الرجوع إلى قول أهل الدهر، فوجب في عدل اللّه عزّ و جلّ و حكمته أن يخصّ من خلق من خلقه خلقة محتملة للأمر و النهي، بالأمر و النهي، لئلّا يكونوا سدى مهملين، و ليعظّموه و يوحّدوه، و يقرّوا له بالربوبيّة، و ليعلموا أنّه خالقهم و رازقهم، إذ شواهد ربوبيّته دالّة ظاهرة، و حججه نيّرة واضحة، و أعلامه لائحة تدعوهم إلى توحيد اللّه عزّ و جل، و تشهد على أنفسها لصانعها بالربوبيّة و الإلهيّة، لما فيها من آثار صنعه، و عجائب تدبيره، فندبهم إلى معرفته لئلّا يبيح لهم أن يجهلوه و يجهلوا دينه و أحكامه، لأنّ الحكيم لا يبيح الجهل به، و الإنكار لدينه، فقال جلّ ثناؤه: «أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ‌ مِيثاقُ الْكِتابِ‌ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَ‌[1]» و قال: «بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ‌[2]»، فكانوا محصورين بالأمر و النهي، مأمورين بقول الحقّ، غير مرخّص لهم في المقام على الجهل، أمرهم بالسؤال، و التفقّه في الدّين فقال: «فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ‌ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ‌[3]» و قال: «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ*[4]»

فلو كان يسع أهل الصحّة و السلامة، المقام على الجهل، لما أمرهم بالسؤال، و لم يكن يحتاج إلى بعثة الرسل بالكتب و الآداب، و كادوا يكونون عند ذلك بمنزلة البهائم، و منزلة أهل الضرر و الزمانة، و لو كانوا كذلك لما بقوا طرفة عين، فلمّا لم يجز بقاؤهم إلّا بالأدب و التعليم، وجب أنّه لا بدّ لكلّ صحيح الخلقة، كامل الآلة من مؤدّب، و دليل، و مشير، و آمر، و ناه، و أدب، و تعليم، و سؤال، و مسألة.

فأحقّ ما اقتبسه العاقل، و التمسه المتدبّر الفطن، و سعى له الموفّق المصيب، العلم بالدين، و معرفة ما استعبد اللّه به خلقه من توحيد، و شرائعه و أحكامه، و أمره و نهيه و زواجره و آدابه، إذ كانت الحجّة ثابتة، و التكليف لازما، و العمر يسيرا، و التسويف غير مقبول، و الشرط من اللّه جلّ ذكره فيما استعبد به خلقه أن يؤدّوا جميع فرائضه بعلم و يقين و بصيرة، ليكون المؤدّي لها محمودا عند ربّه، مستوجبا لثوابه، و عظيم جزائه، لأنّ الّذي يؤدّي بغير علم و بصيرة، لا يدري ما يؤدّي، و لا يدري إلى من يؤدّي،


[1] الأعراف: 169.

[2] يونس، 39.

[3] التوبة: 122.

[4] النحل: 43.

اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني    الجزء : 1  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست