اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 1 صفحة : 7
و إذا كان جاهلا لم يكن على ثقة ممّا أدّى،
و لا مصدّقا، لأنّ المصدّق لا يكون مصدّقا حتّى يكون عارفا بما صدّق به من غير شكّ
و لا شبهة، لأنّ الشاكّ لا يكون له من الرغبة و الرهبة و الخضوع و التقرّب مثل ما
يكون من العالم المستيقن، و قد قال اللّه عزّ و جلّ:
«إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ[1]» فصارت الشهادة مقبولة لعلّة العلم بالشهادة، و لو لا العلم
بالشهادة، لم تكن الشهادة مقبولة، و الأمر في الشاكّ المؤدّي بغير علم و بصيرة،
إلى اللّه جلّ ذكره، إن شاء تطوّل عليه فقبل عمله، و إن شاء ردّ عليه، لأنّ الشرط
عليه من اللّه أن يودّي المفروض بعلم و بصيرة و يقين، كيلا يكونوا ممّن وصفه اللّه
فقال تبارك و تعالى: «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ
اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ
وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَ
الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ[2] «لأنّه كان داخلا فيه بغير علم و لا يقين، فلذلك صار خروجه بغير علم
و لا يقين، و قد قال العالم عليه السّلام: «من دخل في الإيمان بعلم ثبت فيه، و
نفعه إيمانه، و من دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل فيه»، و قال عليه السّلام: من
أخذ دينه من كتاب اللّه و سنّة نبيه صلوات اللّه عليه و آله زالت الجبال قبل أن
يزول و من أخذ دينه من أفواه الرجال ردّته الرجال»، و قال عليه السّلام: «من لم
يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكّب الفتن[3]».
و
لهذه العلّة انبثقت على أهل دهرنا بثوق هذه الأديان الفاسدة[4]،
و المذاهب المستشنعة[5] الّتي قد
استوفت شرائط الكفر و الشرك كلّها، و ذلك بتوفيق اللّه تعالى و خذلانه، فمن أراد
اللّه توفيقه و أن يكون إيمانه ثابتا مستقرّا، سبّب له الأسباب
[2] الحجّ: 12. و« على حرف» أي على طرف من الدين لا في وسطه. و
هذا مثل لكونه على قلق و اضطراب في دينه كالذى يكون على طرف من العسكر، ان احس
بظفر و غنيمة اطمأن و قر و الا انهزم و فر.
[3]« لم يتنكب» فى القاموس: نكب عنه كنصر و فرح نكبا و نكبا و
نكوبا: عدل. كنكب و تنكب.
[4]« انبثقت» يقال بثق الماء بثوقا فتحه بأن خرق الشط. و انبثق
هو إذا جرى بنفسه من غير فجر. و البثق بالفتح و الكسر: الاسم. كذا في المغرب. و في
بعض النسخ انبسقت بالمهملة.
و البثوق- في الكلام- فاعل انبثقت. اى: انفرجت على أهل دهرنا
شقوق هذه الأديان( آت)
[5]« المستشنعة» اى: المستقبحة. و في بعض النسخ« متشنعة». و في
بعضها« مستبشعة».
اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 1 صفحة : 7