اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 1 صفحة : 551
الذاتيّة فإنّ نفس الخلق و الإحياء و
الإماتة و الرزق و التكلّم و كذلك نفس السماع و البصر تستلزم متعلّقات حادثة
مسبوقة بالإرادة، و بعبارة أوضح فعليّة هذه الصفات بنفسها مسبوقة بمشيئته و
إرادته، و أمّا القدرة عليها جميعها فهي ذاتيّة، فقوله عليه السّلام «يسمع بنفسه و يبصر بنفسه» ليس ناظرا إلى
فعليّة تلك الصفات بنفسها.
قوله عليه
السّلام «ليس قولي إنّه يسمع بنفسه و يبصر بنفسه أنّه شيء و النفس شيء
آخر» لما ذكرناه من لزوم التركّب المستلزم للافتقار المستحيل في حقّه
تعالى «و لكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا» و لا يمكن أن يجيب
المجيب سائلا إلّا بما هو عليه من الشؤون و الأطوار، و كذلك إفهاما للسائل إذ كان
هو سائلا و لا بدّ من أن يجاب بما يستأنسه من المعاني و المدركات،
قوله عليه
السّلام: «فأقول إنّه سميع بكلّه لا أنّ الكلّ منه له بعض» يعني عليه
السّلام:
أنّ المراد
بالكلّ المستفاد عن قوله: «بل يسمع بنفسه و يبصر بنفسه» ليس ما
يتوهّم من كونه بمعناه المتعارف المعهود حيث إنّ الكلّ بهذا المعنى هو الهيئة
المنتزعة عن اجتماع أجزاء و التئام أبعاض لكي تستلزم التركّب لا محالة.
قوله عليه
السّلام: «و لكنّي أردت إفهامك و التعبير عن نفسي، و ليس مرجعي في ذلك إلّا
إلى أنّه السميع البصير، العالم الخبير بلا اختلاف الذات و لا اختلاف المعنى» و هذه
إشارة إلى ما دلّ عليه العقل و النقل من اتّحاد الذات و الصّفات الذاتيّة و القدرة
على الصّفات الفعليّة، و قد أشرنا إليه آنفا فلا نعيده، ثمّ كرّر السائل السؤال عن
الماهيّة و الحقيقة بقوله: «فما هو؟» و لا نعلم وجها لهذا التكرار إلّا غموض
المسألة و أنّ هذا المعنى لا يوافق أيّ معقول من المعقولات البشريّة فأجابه الإمام
عليه السّلام بقوله: «هو الربّ و المعبود و هو اللّه» حيث لم
يتصوّر السائل من هذه الألفاظ حقيقة و ماهيّة واضحة فكأنّه قد توهّم أنّ هذا
الموجود ليس من قبيل المعاني الواقعيّة فيكون مجرّد لفظ بلا معنى معقول، فلذلك
كرّر الإمام ثانيا الجواب الماضي في الجمل السابقة بأنّه: «ليس قولي اللّه
إثبات هذه الحروف ألف و لام و هاء و لا راء و لا باء، و لكن أرجع إلى معنى و شيء
خالق الأشياء و صانعها» و في نسخة الكافي بعد ذلك «و نعت هذه
اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني الجزء : 1 صفحة : 551