responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني    الجزء : 1  صفحة : 550

قوله عليه السّلام: «أرجع بقولي شي‌ء إلى إثبات معنى» فكأنّ سلب جميع المعاني المحمولة على الشي‌ء أوجب توهّم كون هذا الشي‌ء ألفاظا و حروفا مجرّدة عن أيّ معنى معقول، إذ ما من معنى يمكن أن يطلق عليه الشي‌ء قد صار مسلوبا منه فأيّ معنى يكون لفظ الشي‌ء مستعملا فيه؟ فلذلك قال عليه السّلام: لا أقصد بذلك أنّه لفظ محض بل‌ «و إنّه شي‌ء بحقيقة الشيئيّة غير أنّه لا جسم و لا صورة و لا يحسّ و لا يجسّ و لا يدرك بالحواسّ الخمس» فانّه تعالى موجود بحقيقته غير المدركة لأنّ جميع ما ندركه به بمنزلة مرآة محدود لا تري إلّا مرائي محدودة، فليس لنا أن نتجسّس و نتفحّص عنه كما نتفحّص عنه كما نحقائق سائر المدركات؛ و الحاصل أنّ الإدراك بأيّ آلة كانت لا يتعلّق بشي‌ء إلّا أن يستشرف عليه و يحدّه بمعاني يعلمها من الأجسام و الصور و غيرها من المدركات، فلمّا لم يكن جلّ شأنه و عزّ سلطانه جسما و لا صورة و لا غيرها فلا تدركه الأوهام و لا تنقصه الدهور، و لا يغيّره الزّمان لوضوح أنّ النقصان و التغيّر إنّما يعرضان على ما من شأنه الحركة و السكون و إذ لم يكن عزّ اسمه جسما و لا جسمانيّا فلم يكن معروضا للنقصان و التغيّر و من هنا ينقطع السؤال عن كيفيّة كونه تعالى قبل خلق الممكنات منسوبا إليه الزّمان، فانّ الزّمان إنّما ننتزعه من الحركة المستحيلة بالنسبة إلى فاقد المادّة و الصورة بتمام معانيهما.

ثمّ سأل عن معنى إسناد السمع و البصر إليه تعالى، فقال عليه السّلام: «هو سميع بصير:

سميع بغير جارحة و بصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه و يبصر بنفسه» و لمّا استلزم السمع و البصر بالجارحة و الآلة التركّب المستحيل في شأنه تعالى إن كانت الجارحة و الآلة داخليّة، و الافتقار إلى الغير إن كانت خارجيّة، فقال عليه السّلام: «إنّه يسمع بنفسه و يبصر بنفسه» أقول: اعلم أنّ الصفات المستندة إلى الذّات الأقدس على قسمين:

أحدهما الصفات الذاتيّة، و هي الّتي تشير مع تعدّدها إلى كمال الذّات الواحد الأحد، فهي متعدّدة بحسب اللّفظ و المفهوم، لا الحقيقة الواقعيّة فنسبة هذا القسم من الصفات إلى الذات نسبة العبارات المختلفة إلى جمال واحد و كمال فارد، و ثانيهما الصفات الفعليّة و هي الّتي بنفسها لا تساوق الذات الواحد القديم لأنّها متجدّدة و متصرّمة، فلا يمكن أن تعرض على الذات غير المتغيّر، نعم القدرة عليها من الصفات‌

اسم الکتاب : الكافي- ط الاسلامية المؤلف : الشيخ الكليني    الجزء : 1  صفحة : 550
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست