أبى على يده، و قال: هذا المأمون، و هذه سنة أربع. فحفظت ذلك عنه إلى هذه الساعة و كان سنّى يومئذ أربع سنين. و توفّى يوم السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الاولى سنة إحدى و تسعين و مأتين ببغداد، و دفن بمقبرة باب الشام، و كان سبب وفاته أنّه خرج من الجامع يوم الجمعة بعد العصر، و كان قد لحقه صمم لا يسمع إلّا بعد تعب و كان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق فصدمته فرس. فألقته في هوّة فأخرج منها، و هو كالمختلط. فحمل إلى منزله على تلك الحالة، و هو يتأوّه من رأسه. فمات ثانى يومه- رحمه اللّه- انتهى.
و ذكر صاحب «البغية» أنّه خلّف كتبا تساوى جملتها ألفى دينار واحدا و عشرين ألف درهم، و دكّاكين تساوى ثلاثة ألف دينار. فرّد ماله على ابنته، و رثاه بعضهم بقوله:
مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب
و مات أحمد أنحى العجم و العرب
فإن تولّى أبو العبّاس مفتقدا
فلم يمت ذكره في الناس و الكتب
هذا، و له من المصنّفات كتاب «المصون» في النحو. كتاب «اختلاف بين النحويّين» كتاب «معانى القرآن» كتاب «معانى الشعر». كتاب «القراآت». كتاب «التصغير» كتاب «الوقف و الابتداء». كتاب «الهجاء» كتاب «الأمالي». كتاب «غريب القرآن». كتاب «الفصيح». و قيل: هو للحسن بن داود الرقى، و قيل:
ليعقوب بن السكّيت، و له أشياء آخر.
و من طرائف ما ينقل عنه أيضا: أنّه قال: كنت أسير إلى الرياشي لأسمع منه.
فقال لى يوما و قد قرء عليه:
ما تنقم الحرب العوان منّي
بازل عامين صغير السن
كيف تقول: بازل أو بازل. فقلت: أتقول لى هذا في العربيّة إنّما أقصدك لغير هذا يروى بالرفع على الاستيناف، و النصب على الحال، و الخفض على الاتّباع.
فاستحيا و امسك.
قال: و كان محمّد بن عبد اللّه بن طاهر يكتب ألف درهم واحدة بالهاء. فإذا مرّ به