ثمّ إنّه صار إلى مذهب الكيسانيّة و القول بإمامة محمّد بن الحنفيّة.
و كان لا يبالي من شرب الخمور أيضا، إلى أن أراد اللّه أن يهديه للإيمان- و أيّ الإيمان!- و ينجيه من عذاب النيران.
و تفصيل ذلك المذكور في الحديث عن محمّد بن النعمان أنّه قال: دخلت عليه في مرضه بالكوفة فرأيته و قد اسودّ وجهه و ازرقّ عيناه و عطش كبده. فدخلت على الصادق عليه السّلام و هو يومئذ بالكوفة راجعا من عند الخليفة، فقلت له: جعلت فداك إنّي فارقت السيّد بن محمّد الحميريّ و هو- لما به- على أسوء حال من كذا و كذا.
فأمر بالإسراج و ركب و مضينا معه حتّى دخلنا عليه، و عنده جماعة محدقون به.
فقعد الصادق عليه السّلام عند رأسه فقال: يا سيّد! ففتح عينيه ينظر إليه و لا يطيق الكلام.
فحرّك الصادق عليه السّلام شفتيه، ثمّ قال له: يا سيّد!. قل بالحقّ؛ يكشف اللّه ما بك و يرحمك و يدخلك جنّته الّتي وعد أوليائه. فقال في ذلك:
تجعفرت باسم اللّه، و اللّه أكبر
و أيقنت أنّ اللّه يعفو و يغفر
و دنت بدين غير ما كنت داينا
به، و نهاني سيّد الناس جعفر
فقلت: فهبني! قد تهوّدت برهة
و إلّا فديني دين من يتنصّر
فلست بعاد ماحييت و راجعا
إلى ما عليه كنت اخفي و اضمر
و لا قائلا قولا لكيسان بعدها
و إن عاب جهّال معابا و أكثروا
و لكنّه ممّا مضى لسبيله
على أحسن الحالات يقفي و يؤثر
و في «مناقب الطاهرين» أنّه قال: دخلت على الصادق عليه السّلام فقلت له: يابن رسول اللّه! إنّي لقد صرفت عمري و بذلت مجهودي في موالاتكم و البرائة من أعدائكم،