و نقل أنّ الأمير سيّد عليّ المرحوم صاحب «رياض المسائل» كان لا يقول بعدالته و يشنّع عليه و ينكر فضله و منزلته- مع تتلمذه الكثير عنده كما استفيد لنا من تضاعيف كتابه المتقدّم ذكره-، و كان ذلك لكثرة تشنيعه على الاستاد المروّج- رحمه اللّه- بحيث صار هذا الأمر العظيم منشأ لخروجه من أرض الحائر المطهّر إلى تربة الكاظمين- عليهما السّلام- و توقّفه هنالك طول حياته؛ كما قد ذكره السيّد الصدر العاملي- دام ظلّه- و قال لنا أيضا من بعد هذه الحكاية: إنّ الشيخ المذكور لمّا- تنبّه من تفريطه في حقّ استاده و رجع إلى الحائر نزل في بيتي، فأتى إلى زيارته الآقا سيّد علي في يومه الأوّل، و كان هو يقول: كنت رأيت في منامي كأنّ رجلا من الكبار- أو ملكا- يقول لي: إنّ اسمك يخرج من قوله- تعالى-: «هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً» و لا أدري كيف الحساب في ذلك؟
قال السيّد: و أنا لمّا حاسبتها في بعض أسفاري- و أنا مخلّى بالطبع- وجدت «ناقة اللّه لكم آية» تاريخا لمولد استاده الآقا محمّد باقر.
ثمّ قال: فكأنّه لم يتحقّق ذكر من رآه في نومه أنّ الآية فيمن جعلت. هذا.
و قد توفّى- رحمه اللّه- سنة عشرين و مائتين و ألف.
و كان له- رحمة اللّه عليه- أيضا من ابنة الشيخ جعفر المرحوم ولد صالح تقيّ فقيه زكيّ حبر ألمعيّ، فاضل كلّ الفاضل، جليل نبيل، يسمّى بالشيخ إسمعيل.
و هو- كما ذكره بعض الثقات الأجلّة من أهل الكاظمين- كان اعجوبة دهره، و فائقا على قاطبة فضلاء عصره، متّصفا بكلّ جميل من الفضائل و الفواضل، مجازا من أغلب أساتيد الزمان في الفقاهة و الاستنباط، بل ممتازا من سائر المشايخ و الأعيان في الزهد و العبادة، و تعاهد أحوال العجزة و المساكين، و القيام بحقوق إخوانه المؤمنين؛ فضلا عن المبتدئين و الأوساط.
إلّا أنّ تصاريف الدهر الفتون، و تدافيف الخلق الخؤن؛ لم تمهلاه لبلوغ الأمل من عمره السعيد، و لم تؤجّلاه للقيام بحقّ العلم و العمل كما يريد، بل سلّمتاه