اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 94
شاهدها تزني كما يشهد الشاهد على الزنا ، أو تكون دعوى مطلقة .
وإذا نفى الحمل فلا يخلو أن ينفيه أيضا نفيا مطلقا ، أو يزعه انه لم
يقربها بعد استبرائها ، فهذه أربعة أحوال بسائط ، وسائر الدعاوى تتركب عن
هذه ، مثل أن يرميها بالزنا وينفي الحمل ، أو يثبت الحمل ويرميها بالزنى .
فأما وجوب اللعان بالقذف بالزنا إذا ادعى الرؤية فلا خلاف فيه ،
قالت المالكية : إذا زعم أنه لم يطأها بعد ، وأما وجوب اللعان بمجرد القذف ،
فالجمهور على جوازه : الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأحمد وداود وغيرهم .
وأما المشهور عن مالك ، فإنه لا يجوز اللعان عنده بمجرد القذف ، وقد قال ابن القاسم أيضا : إنه يجوز ، وهي أيضا رواية عن مالك .
وحجة الجمهور عموم قوله تعالى :
﴿ والذين يرمون أزواجهم ﴾
الآية ، ولم يخص في الزنا صفة دون صفة ، كما قال في إيجاب حد القذف ،
وحجة مالك ظواهر الاحاديث الواردة في ذلك ، منها قوله في حديث سعد أرأيت
لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا وحديث ابن عباس ، وفيه فجاء رسول الله ( ص )
فقال : والله يا رسول الله لقد رأيت بعيني وسمعت بأذني ، فكره رسول الله (
ص ) ما جاء به واشتد عليه ، فنزلت
﴿ والذين يرمون أزواجهم ﴾
الآية وأيضا فإن الدعوى يجب أن تكون ببينة كالشهادة .
وفي هذا الباب فرع اختلف فيه قول مالك ، وهو إذا ظهر بها حمل بعد
اللعان ، فعن مالك في ذلك روايتان : إحداهما : سقوط الحمل عنه ، والاخرى
لحوقه به .
واتفقوا فيما أحسب أن من شرط الدعوى الموجبة اللعان برؤية الزنا أن تكون في العصمة .
واختلفوا فيمن قذف زوجته بدعوى الزنا ثم طلقها ثلاثا هل يكون بينهما
لعان أم لا ؟ فقال مالك والشافعي والاوزاعي وجماعة : بينهما لعان ، وقال
أبو حنيفة : لا لعان بينهما إلا أن ينفي ولدا ولا حد ، وقال مكحول والحكم
وقتادة يحد ولا يلاعن .
وأما إن نفى الحمل فإنه كما قلنا على وجهين : أحدهما : أن يدعي أنه استبرأها ولم يطأها بعد الاستبراء ، وهذا ما لا خلاف فيه .
واختلف قول مالك في الاستبراء ، فقال مرة : ثلاث حيض ، وقال مرة : حيضة .
وأما نفيه مطلقا ، فالمشهور عن مالك أنه لا يجب بذلك لعان ، وخالفه
في هذا الشافعي وأحمد وداود ، وقالوا : لا معنى لهذا لان المرأة قد تحمل مع
رؤية الدم ، وحكى عبد الوهاب عن أصحاب الشافعي أنه لا يجوز نفي الحمل
مطلقا من غير قذفواختلفوا من هذا الباب في فرع ، وهو وقت نفي الحمل ، فقال
الجمهور : ينفيه وهي حامل ، وشرط مالك أنه متى لم ينفه وهو حمل لم يجز له
أن ينفيه بعد الولادة بلعان ، وقال الشافعي : إذا علم الزوج بالحمل فأمكنه
الحاكم من اللعان فلم يلاعن لم يكن ل
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 94