اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 90
الصوم ، ومن شبهه بكفارة اليمين قال : لا يستأنف ، لان الكفارة في اليمين ترفع الحنث بعد وقوعه باتفاق .
ومنها هل من شرط الرقبة أن تكون مؤمنة أم لا ؟ فذهب مالك والشافعي
إلى أن ذلك شرط في الاجزاء ، وقال أبو حنيفة : يجزئ في ذلك رقبة الكافر ،
ولا يجزئ عندهم إعتاق الوثنية والمرتدة ودليل الفريق الاول أنه إعتاق على
وجه القربة فوجب أن تكون مسلمة أصله الاعتاق في كفارة القتل ، وربما قالوا
إن هذا ليس من باب القياس ، وإنما هو من باب حمل المطلق على المقيد ، وذلك
أنه قيد الرقبة بالايمان في كفارة القتل وأطلقها في كفارة الظهار فيجب صرف
المطلق إلى المقيد .
وهذا النوع من حمل المطلق على المقيد فيه خلاف ، والحنفية لا يجيزونه ، وذلك أن الاسباب في القضيتين مختلفة .
وأما حجة أبي حنيفة فهو ظاهر العموم ، ولا معارضة عنده بين المطلق والمقيد ، فوجب عنده أن يحمل كل على لفظه .
ومنها اختلافهم هل من شرط الرقبة أن تكون سالمة من العيوب أم لا ؟
ثم إن كانت سليمة فمن أي العيوب تشترط سلامتها ؟ فالذي عليه الجمهور أن
للعيوب تأثيرا في منع إجزاء العتق ، وذهب قوم إلى أنه ليس لها تأثير في ذلك
، وحجة الجمهور تشبيهها بالاضاحي والهدايا لكون القربة تجمعهما وحجة
الفريق الثاني إطلاق اللفظ في الآية .
فسبب الخلاف : معارضة الظاهر لقياس الشبه .
والذين قالوا إن للعيوب تأثيرا في منع الاجزاء اختلفوا في عيب عيب مما يعتبر في الاجزاء أو عدمه .
أما العمى وقطع اليدين أو الرجلين فلا خلاف عندهم في أنه مانع
للاجزاء ، واختلفوا فيما دون ذلك ، فمنها هل يجوز قطع اليد الواحدة ؟ أجازه
أبو حنيفة ، ومنعه مالك والشافعي .
وأما الاعور فقال مالك : لا يجزئ ، وقال عبد الملك : يجزئ : وأما قطع الاذنين فقال مالك : لا يجزئ ، وقالأصحاب الشافعي : يجزئ .
وأما الاصم فاختلف فيه في مذهب مالك ، فقيل يجزئ .
وقيل لا يجزئ .
وأما الاخرس فلا يجزئ عند مالك ، وعن الشافعي في ذلك قولان .
أما المجنون فلا يجزئ .
أما الخصي فقال ابن القاسم : لا يعجبني الخصي ، وقال غيره لا يجزئ ، وقال الشافعي : يجزئ .
وإعتاق الصغير جائز في قوله عامة فقهاء الامصار ، وحكي عن بعض المتقدمين منعه .
والعرج الخفيف في المذهب يجزئ ، أما البين العرج فلا .
والسبب في اختلافهم : في قدر النقص المؤثر في القربة ، وليس له أصل في الشرع إلا الضحايا .
وكذلك لا يجزئ في المذهب ما فيه شركة أو طرف حرية كالكتابة والتدبير لقوله تعالى :
﴿ فتحرير رقبة ﴾
والتحرير هو ابتداء الاعتاق ، وإذا كان فيه عقد من عقود الحرية
كالكتابة كان تنجيزا لا إعتاقا ، وكذلك الشركة لان بعض الرقبة ليس برقبة .
وقالوا أبو حنيفة : إن كان المكاتب أدى شيئا من مال الكتابة لم يجز .
وإن كان لم يؤد جاز ، واختلفوا
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 90