اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 83
وضعت لبراءة الرحم ، وهذه قد حصلت لها البراءة .
وحجة الجمهور أنها مطلقة فوجب أن تعتد كسائر المطلقات .
وسبب الخلاف : أن العدة جمعت عبادة ومصلحة .
فمن لحظ جانب المصلحة لم ير عليها عدة ، ومن لحظ جانب العبادة أوجب عليها العدة .
المسألة التاسعة : وأما إيلاء العبد
، فإن مالكا قال : إيلاء العبد شهران على النصف من إيلاء الحر ، قياسا على حدوده وطلاقه .
وقال الشافعي وأهل الظاهر : إيلاؤه مثل إيلاء الحر أربعة أشهر تمسكا بالعموم .
والظاهر أن تعلق الايمان بالحر والعبد سواء ، والايلاء يمين ،
وقياسا أيضا على مدة العنين ، وقال أبو حنيفة : النقص الداخل على الايلاء
معتبر بالنساء لا بالرجال كالعدة ، فإن كانت المرأة حرة كان الايلاء إيلاء
الحر وإن كان الزوج عبدا ، وإن كانت أمة فعلى النصف .
وقياس الايلاء على الحد غير جيد ، وذلك أن العبد إنما كان حده أقل
من حد الحر ، لان الفاحشة منه أقل قبحا ، ومن الحر أعظم قبحا ، ومدة
الايلاء إنما ضربت جمعا بين التوسعة على الزوج وبين إزالة الضرر عن الزوجة ،
فإذا فرضنا مدة أقصر من هذه كان أضيق على الزوج وأنفى للضرر على الزوجة ،
والحر أحب التوسعة ونفي الضرر عنه ، فلذلك كان يجب على هذا القياس أن لا
ينقص من الايلا إلا إذا كان الزوج عبدا والزوجة حرة فقط ، وهذا لم يقل به
أحد ، فالواجب التسوية .
والذين قالوا بتأثير الرق في مدة الايلاء اختلفوا في زوال الرق بعد
الايلاء ، هل ينتقل إلى إيلاء الاحرار أم لا ؟ فقال مالك : لا ينتقل من
إيلاء العبيد إلى إيلاء الاحرار ، وقال أبو حنيفة : ينتقل ، فعنده أن الامة
إذا عتقت وقد آلى زوجها منها انتقلت إلى إيلاء الاحرار ، وقال ابن القاسم :
الصغيرة التي لا يجامع مثلها لا إيلاء عليها ، فإن وقع وتمادىحسبت الاربعة
الاشهر من يوم بلغت ، وإنما قال ذلك لانه لاضرر عليها في ترك الجماع ،
وقال أيضا لا إيلاء على خصي ولا على من لا يقدر على الجماع .
المسألة العاشرة : وأما هل من شرط رجعة المولي أن يطأ في العدة أم
لا ؟ فإن الجمهور ذهبوا إلى أن ذلك ليس من شرطها ، وأما مالك فإنه قال :
إذا لم يطأ فيها من غير عذر : مرض أو ما أشبه ذلك فلا رجعة عنده له عليها
وتبقى على عدتها ، ولا سبيل له إليها إذا انقضت العدة .
وحجة الجمهور أنه لا يخلو أن يكون الايلاء يعود برجعته إياها في
العدة أو لا يعود ، فإن عاد لم يعتبر واستؤنف الايلاء من وقت الرجعة ، أعني
تحسب مدة الايلاء من وقت الرجعة ، وإن لم يعد إيلاء لم يعتبر أصلا إلا على
مذهب من يرى أن الايلاء يكون بغير يمين ، وكيفما كان فلا بد من اعتبار
الاربعة الاشهر من وقت الرجعة ، وأما مالك فإنه قال : كل رجعة من طلاق كان
لرفع ضرر ، فإن صحة الرجعة معتبرة فيه بزوال ذلك الضرر ، وأصله المعسر
بالنفقة إذا طلق عليه ثم ارتجع ، فإن رجعته تعتبر صحتها بيساره .
فسبب الخلاف : قياس الشبه ، وذلك أن من شبه الرجعة بابتداء النكاح
أوجب فيها تجدد الايلاء ، ومن شبه هذه الرجعة برجعة المطلق لضرر لم يرتفع
منه ذلك الضرر قال : يبقى على الاصل .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 83