اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 82
الاشهر ، وأما أبو حنيفة فإن مدة الايلاء عنده هي الاربعة الاشهر
فقط إذ كان الفئ عنده إنما هو فيها ، وذهب الحسن وابن أبي ليلى إلى أنه
إذا حلف وقتا ما وإن كان أقل من أربعة أشهر كان موليا يضرب له الاجل إلى
انقضاء الاربعة الاشهر من وقت اليمين .
وروي عن ابن عباس أن المولي هو من حلف أن لا يصيب امرأته على التأبيد .
والسبب في اختلافهم في المدة إطلاق الآية ، فاختلافهم في وقت الفئ ،
وفي صفة اليمين ومدته هو كون الآية عامة في هذه المعاني أو مجملة ، وكذلك
اختلافهم في صفة المولي والمولى منها ونوع الطلاق على ما سيأتي بعد .
وأما ما سوى ذلك فسبب اختلافهم فيه هو سبب السكوت عنها .
وهذه هي أركان الايلاء : أعني معرفة نوع اليمين ووقت الفئ ، والمدة ، وصفة المولى منها ، ونوع الطلاق الواقع فيه .
المسألة الخامسة : فأما الطلاق الذي يقع بالايلاء
فعند مالك والشافعي أنه رجعي ، لان الاصل أن كل طلاق وقع بالشرع أنه
يحمل على أنه رجعي إلى أن يدل الدليل على أنه بائن ، وقال أبو حنيفة وأبو
ثور : هو بائن ، وذلك أنه إن كان رجعيا لم يزل الضرر عنها بذلك لانه يجبرها
على الرجعة .
فسبب الاختلاف : معارضة المصلحة المقصودة بالايلاء للاصل المعروف في الطلاق ، فمن غلب الاصل قال : رجعي ، ومن غلب المصلحة قال بائن .
المسألة السادسة : وأما هل يطلق القاضي إذا أبى الفئ أو الطلاق أو
يحبس حتى يطلق ، فإن مالكا قال : يطلق القاضي عليه ، وقال أهل الظاهر :
يحبس حتى يطلقها بنفسه .
وسبب الخلاف : معارضة الاصل المعروف في الطلاق للمصلحة ، فمن راعى
الاصل المعروف في الطلاق قال : لا يقع طلاق إلا من الزوج ، ومن راعى الضرر
الداخل من ذلك على النساء قال : يطلق السلطان وهو نظر إلى المصلحة العامة ،
وهذا هو الذي يعرف بالقياس المرسل ، والمنقول عن مالك العمل به ، وكثير من
الفقهاء يأبى ذلك .
المسألة السابعة : وأما هل يتكرر الايلاء إذا طلقها ثم راجعها ؟ فإن
مالكا يقول : إذا راجعها فلم يطأها تكرر الايلاء عليه ، وهذا عنده في
الطلاق الرجعي والبائن .
وقال أبو حنيفة : الطلاق البائن يسقط الايلاء وهو أحد قولي الشافعي ، وهذا القول هو الذي اختاره المزني .
وجماعة العلماء على أن الايلاء لا يتكرر بعد الطلاق إلا بإعادة اليمين .
والسبب في اختلافهم : معارضة المصلحة لظاهر شرط الايلاء .
وذلك أنه لا إيلاء في الشرع إلا حيث يكون يمين في ذلك النكاح بنفسه
لا في نكاح آخر ، ولكن إن راعينا هذا وجد الضرر المقصود إزالته بحكم
الايلاء ،ولذلك رأى مالك أنه يحكم بحكم الايلاء بغير يمين إذا وجد معنى
الايلاء .
المسألة الثامنة : وأما هل تلزم الزوجة المولى منها عدة أو ليس
تلزمها ؟ فإن الجمهور على أن العدة تلزمها ، وقال جابر بن زيد : لا تلزمها
عدة إذا كانت قد حاضت في مدة الاربعة الاشهر ثلاث حيض .
وقال بقوله طائفة ، وهو مروي عن ابن عباس .
وحجته أن العدة إنما
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 82