اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 72
رسول الله ( ص ) .
وأما أحمد بن حنبل فاختلفت الرواية عنه .
فروي عنه أنه كان يقول : إنها الاطهار على قول زيد ابن ثابت وابن
عمر وعائشة ، ثم توقفت الآن من أجل قول ابن مسعود وعلي : هو أنها الحيض
والفرق بين المذهبين هو أن من رأى أنها الاطهار رأى أنها إذا دخلت الرجعية
عنده في الحيضة الثالثة لم يكن للزوج عليها رجعة وحلت للازواج ، ومن رأى
أنها الحيض لم تحل عنده حتى تنقضي الحيضة الثالثة .
وسبب الخلاف : اشتراك اسم القرء ، فإنه يقال في كلام العرب على حد
سواء على الدم وعلى الاطهار ، وقد رام كلا الفريقين أن يدل أن اسم القرء في
الآية ظاهر في المعنى الذي يراه ، فالذين قالوإنها الاطهار قالوا : إن هذا
الجمع خاص بالقرء الذي هو الطهر ، وذلك أن القر الذي هو الحيض يجمع على
أقراء لا على قروء ، وحكوا ذلك عن ابن الانباري ، وأيضا فإنهم قالوا : إن
الحيضة مؤنثة والطهر مذكر ، فلو كان القرء الذي يراد به الحيض لما ثبت في
جمعه الهاء لان الهاء لا تثبت في جمع المؤنث فيما دون العشرة ، وقالوا أيضا
: إن الاشتقاق يدل على ذلك ، لان القرء مشتق من قرأت الماء في الحوض : أي
جمعته ، فزمان اجتماع الدم هو زمان الطهر ، فهذا هو أقوى ما تمسك به الفريق
الاول من ظاهر الآية .
وأما ما تمسك به الفريق الثاني من ظاهر الآية فإنهم قالوا : إن قوله تعالى :
﴿ ثلاثة قروء ﴾
ظاهر في تمام كل قرء منها لانه ليس ينطلق اسم القرء على بعضه إلا
تجوزا ، وإذا وصفت الاقراء بأنها هي الاطهار أمكن أن تكون العدة عندهم
بقرأين وبعض قرء ، لانها عندهم تعتد بالطهر الذي تطلق فيه وإن مضى أكثره ،
وإذا كان ذلك كذلك فلا ينطلق عليها اسم الثلاثة إلا تجوزا ، واسم الثلاثة
ظاهر في كمال كل قرء منها ، وذلك لا يتفق إلا بأن تكون الاقراء هي الحيض
لان الاجماع منعقد على أنها إن طلقت في حيضة أنها لا تعتد بها ، ولكل واحد
من الفريقين احتجاجات متساوية من جهة لفظ القرء ، والذي رضيه الحذاق أن
الآية مجملة في ذلك .
وأن الدليل ينبغي أن يطلب من جهة أخرى ، فمن أقوى ما تمسك به من رأى
أن الاقراء هي الاطهار حديث ابن عمر المتقدم ،وقوله ( ص ) مره فليراجعها
حتى تحيض ثم تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، ثم يطلقها إن شاء قبل أن يمسها ، فتلك
العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء قالوا : وإجماعهم على أن طلاق
السنة لا يكون إلا في طهر لم تمس فيه ، وقوله عليه الصلاة والسلام فتلك
العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء دليل واضح على أن العدة هي الاطهار
لكي يكون الطلاق متصلا بالعدة .
ويمكن أن يتأول قوله فتلك العدة
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 72