اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 7
لغيره ، إما من قبل أن الشرع خصه بذلك وإما من قبل أن ما يوجد
فيه من الرأفة والرحمة لا يوجد في غيره ، وهو الذي ذهب إليه مالك رضي الله
عنه ، وما ذهب إليه أظهر والله أعلم إلا أن يكون هناك ضرورة .
وقد احتج الحنفية بجواز إنكاح الصغار غير الآباء بقوله تعالى :
﴿ وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ﴾
قال : واليتيم لا ينطلق إلا على غير البالغة .
والفريق الثاني قالوا : إن اسم اليتيم قد ينطلق على بالغة بدليل
قوله عليه الصلاة والسلام تستأمر اليتيمة والمستأمرة هي من أهل الاذن وهي
البالغة ، فيكون لاختلافهم سبب آخر ، وهو اشتراك اسم اليتيم ، وقد احتج
أيضا من لم يجز نكاح غير الاب لها بقوله عليه الصلاة والسلام تستأمر
اليتيمة في نفسها قالوا : والصغيرة ليست من أهل الاستئمار باتفاق ، فوجب
المنع ، ولاولئك أن يقولوا : أن هذا حكم اليتيمة التي هي من أهل الاستئمار ،
وأما الصغيرة فمسكوت عنها .
وأما : هل يزوج الولي غير الاب الصغير ؟ فإن مالكا أجازه للوصي ،
وأبا حنيفة أجازه للاولياء ، إلا أن أبا حنيفة أوجب الخيار له إذا بلغ ،
ولم يوجب ذلك مالك .
وقال الشافعي : ليس لغير الاب إنكاحه .
وسبب اختلافهم : قياس غير الاب في ذلك على الاب .
فمن رأى أن الاجتهاد الموجود فيه الذي جاز للاب به أن يزوج الصغير
من ولده لا يوجد في غير الاب لم يجز ذلك ومن رأى أنه يوجد فيه أجاز ذلك .
ومن فرق بين الصغير في ذلك والصغيرة فلان الرجل يملك الطلاق إذا بلغ ولا تملكه المرأة ، ولذلك جعل أبو حنيفة لهما الخيار إذا بلغا .
وأما الموضع الثالث : وهو هل يجوز عقد النكاح على الخيار ، فإن الجمهور على أنه لا يجوز ، وقال أبو ثور يجوز .
والسبب في اختلافهم : تردد النكاح بين البيوع التي لا يجوزفيها
الخيار ، والبيوع التي يجوز فيها الخيار ، أو نقول إن الاصل في العقود أن
لا خيار إلا ما وقع عليه النص وعلى المثبت للخيار الدليل ، أو نقول إن أصل
منع الخيار في البيوع هو الغرر والانكحة لا غرر فيها ، لان المقصود بها
المكارمة لا المكايسة ، ولان الحاجة إلى الخيار والرؤية في النكاح أشد منه
في البيوع .
وأما تراخي القبول من أحد الطرفين عن العقد ، فأجاز مالك من ذلك
التراخي اليسير ، ومنعه قوم ، وأجازه قوم وذلك مثل أن ينكح الولي امرأة
بغير إذنها ، فيبلغها النكاح فتجيزه ، وممن منعه مطلقا الشافعي ، وممن
أجازه مطلقا أبو حنيفة وأصحابه ، والتفرقة بين الامر الطويل والقصير لمالك .
وسبب الخلاف : هل من شرط الانعقاد وجود القبول من المتعاقدين في وقت واحد معا ، أم ليس ذلك من شرطه ؟ ومثل هذا الخلاف عرض في البيع .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 7