اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 67
إنما أنس القائلون به أنه فتوى عثمان وعمر حتى زعمت المالكية أنه إجماع الصحابة ، ولا معنى لقولهم فالخلاف فيه عن ابن الزبير مشهور .
وأما من رأى أنها ترث في العدة ، فلان العدة عنده من بعض أحكام
الزوجية ، وكأنه شبهها بالمطلقة الرجعية ، وروي هذا القول عن عمر وعن عائشة
.
وأما من اشترط في توريثها ما لم تتزوج فإنه لحظ في ذلك إجماع
المسلمين على أن المرأة الواحدة لا ترث زوجين ، ولكون التهمة هي العلة عند
الذين أوجبوا الميراث .
واختلفوا إذا طلبت هي الطلاق أو ملكها أمرها الزوج فطلقت نفسها ،
فقال أبو حنيفة : لا ترث أصلا ، وفرق الاوزاعي بين التمليك والطلاق فقال :
ليس لها الميراث في التمليك ، ولها في الطلاق .
وسوى مالك في ذلك كله حتى لقد قال : إن ماتت لا يرثها ، وترثه هي إن مات ، وهذا مخالف للاصول جدا .
الباب الثالث : فيمن يتعلق به الطلاق من النساء ومن لا يتعلق
وأما من يقع طلاقه من النساء ، فإنهم اتفقوا على أن الطلاق يقع على
النساء اللاتي في عصمة أزواجهن ، أو قبل أن تنقضي عددهن في الطلاق الرجعي ،
وأنه لا يقع على الاجنبيات : أعني الطلاق المعلق .
وأما تعليق الطلاق على الاجنبيات بشرط التزويج مثل أن يقول : إن
نكحت فلانة فهي طالق فإن للعلماء في ذلك ثلاثة مذاهب : قول إن الطلاقلا
يتعلق بأجنبية أصلا عم المطلق أو خص ، وهو قول الشافعي وأحمد وداود وجماعة ،
وقول إنه يتعلق بشرط التزويج عم المطلق جميع النساء أو خصص ، وهو قول أبي
حنيفة وجماعة ، وقول إنه إن عم جميع النساء لم يلزمه ، وإن خصص لزمه ، وهو
قول مالك وأصحابه ، أعني مثل أن يقول : كل امرأة أتزوجها من بني فلان أو من
بلد كذا فهي طالق ، وكذلك في وقت كذا ، فإن هؤلاء يطلقن عند مالك إذا زوجن
.
وسبب الخلاف : هل من شرط وقوع الطلاق وجود الملك متقدما بالزمان على
الطلاق أم ليس ذلك من شرطه ؟ فمن قال هو من شرطه قال : لا يتعلق الطلاق
بالاجنبية ، ومن قال ليس من شرطه إلا وجود الملك فقط قال : يقع بالاجنبية .
وأما الفرق بين التعميم والتخصيص فاستحسان مبني على المصلحة ، وذلك
أنه إذا عمم فأوجبنا عليه التعميم لم يجد سبيلا إلى النكاح الحلال ، فكان
ذلك عنتا به وحرجا ، وكأنه من باب نذر المعصية ، وأما إذا خصص فليس الامر
كذلك إذا ألزمناه الطلاق ، واحتج الشافعي بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده قال : قال رسول الله ( ص ) لا طلاق إلا من بعد نكاح وفي رواية أخرى لا
طلاق فيمالا يملك ولا عتق فيما لا يملك وثبت ذلك عن علي ومعاذ وجابر بن عبد
الله وابن عباس وعائشة ، وروي مثل قول أبي حنيفة عن عمر وابن مسعود ، وضعف
قوم الرواية بذلك عن عمر رضي الله عنهم .
الجملة الثالثة في الرجعة بعد الطلاق .
ولما كان الطلاق على ضربين : بائن ،
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 67