اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 60
تفصيل الصريح من الكناية وفي أحكامها وما يلزم فيها ، ونحن إنما
قصدنا من ذلك ذكر المشهور وما يجري مجرى الاصول ، فقال مالك وأصحابه :
الصريح هو لفظ الطلاق فقط ، وما عدا ذلك كناية ، وهي عنده على ضربين ظاهرة
ومحمولة وبه قال أبو حنيفة ، وقال الشافعي : ألفاظ الطلاق الصريحة ثلاث :
الطلاق ، والفراق والسراح ، وهي المذكورة في القرآن ، وقال بعض أهل الظاهر :
لا يقع طلاق إلا بهذه الثلاث .
فهذا هو اختلافهم في صريح الطلاق من غير صريحه .
وإنما اتفقوا على أن لفظ الطلاق صريح لان دلالته على هذا المعنى الشرعي دلالة وضعية بالشرع فصار أصلا في هذا الباب .
وأما ألفاظ الفراق والسراح فهي مترددة بين أن يكون للشرع فيها تصرف
أعني أن تدل بعرف الشرع على المعنى الذي يدل عليه الطلاق ، أو هي باقية على
دلالتها اللغوية ، فإذا استعملت في هذا المعنى : أعني في معنى الطلاق كانت
مجازا إذ هذا هو معنى الكناية أعني اللفظ الذي يكون مجازا في دلالته ،
وإنما ذهب مذهب إلى أنه لا يقع الطلاق إلا بهذه الالفاظ الثلاث ، لان الشرع
إنما ورد بهذه الالفاظ الثلاثة وهي عبادة ، ومن شرطها اللفظ ، فوجب أن
يقتصر بها على اللفظ الشرعي الوارد فيها .
فأما اختلافهم في أحكام صريح ألفاظ الطلاق ففيه مسألتان مشهورتان : إحداهما : اتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة عليها .
والثانية : اختلفوا فيها .
فأما التي اتفقوا عليها فإن مالكا والشافعي وأبا حنيفة قالوا : لا
يقبل قول المطلق إذا نطق بألفاظ الطلاق إنه لم يرد به طلاقا إذا قال لزوجته
أنت طالق .
وكذلك السراح والفراق عند الشافعي .
واستثنت المالكية بأن قالت : إلا أن تقترن بالحالة أو المرأة قرينة
تدل على صدق دعواه ، مثل أن تسأله أن يطلقها من وثاق هي فيه وشبهه ، فيقول
لها أنت طالق .
وفقه
المسألة عند الشافعي وأبي حنيفة أن الطلاق
لا يحتاج عندهم إلى نية ، وأما مالك فالمشهور عنه أن الطلاق عنده
يحتاج إلى نية ، لكن لم ينوه ههنا لموضع التهم ، ومن رأيه الحكم بالتهم سدا
للذرائع ، وذلك مما خالفه فيه الشافعي وأبو حنفية .
فيجب على رأي من يشترط النية في ألفاظ الطلاق ولا يحكم بالتهم أن يصدقه فيما ادعى .
وأما المسألة الثانية : فهي : اختلفوا فيمن قال لزوجته أنت طالق ،
وادعى أنه أراد بذلك أكثر من واحدة إما اثنتين وإما ثلاثا ، فقال مالك : هو
ما نوى وقد لزمه ، وبه قال الشافعي إلا أن يقيد فيقول طلقة واحدة ، وهذا
القول هو المختار عند أصحابه ، وأما أبو حنيفة فقال : لا يقع ثلاثا بلفظ
الطلاق لان العدد لا يتضمنه لفظ الافراد ، لا كناية ولا تصريحا .
وسبب اختلافهم : هل يقع الطلاق بالنية دون اللفظ أو بالنية مع اللفظ
المحتمل ؟فمن قال بالنية أوجب الثلاث ، وكذلك من قال بالنية واللفظ
المحتمل ورأى أن لفظ الطلاق يحتمل العدد ، ومن رأى أنه لا يحتمل العدد وأنه
لا بد من اشتراط اللفظ في الطلاق مع النية قال : لا يجب العدد وإن نواه ،
وهذه المسألة اختلفوا فيها ، وهي من مسائل شروط
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 60