اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 366
كتاب السرقة
النظر في هذا الكتاب في حد السرقة ، وفي شروط المسروق الذي يجب به
الحد ، وفي صفات السار الذي يجب عليه الحد ، وفي العقوبة ، وفيما تثبت به
هذه الجناية .
فأما السرقة ، فهي أخذ مال الغير مستترا من غير أن يؤتمن عليه ،
وإنما قلنا هذا لانهم أجمعوا أنه ليس في الخيانة ولا في الاختلاس قطع إلا
إياس بن معاوية ، فإنه أوجب في الخلسة القطع ، وذلك مروي عن النبي عليه
الصلاة والسلام .
وأوجب أيضا قوم القطع على من استعار حليا أو متاعاثم جحده لمكان
حديث المرأة المخزومية المشهورة أنها كانت تستعير الحلي ، وأن رسول الله ( ص
) قطعها لموضع جحودها .
وبه قال أحمد وإسحاق ، والحديث حديث عائشة قالت : كانت امرأة
مخزومية تستعير المتاع وتجحده ، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام بقطع يدها ،
فأتى أسامة أهلها فكلموه ، فكلم أسامة النبي عليه الصلاة والسلام ، فقال
النبي عليه الصلاة والسلام : يا أسامة لا أراك تتكلم في حد من حدود الله ،
ثم قام النبي عليه الصلاة والسلام خطيبا فقال : إنما أهلك من كان قبلكم أنه
إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه ، والذي نفسي
بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعتها .
ورد الجمهور هذا الحديث لانه مخالف للاصول ، وذلك أن المعار مأمون
وأنه يأخذ بغير إذن فضلا أن يأخذ من حرز ، قالوا : وفي حديث حذف ، وهو أنها
سرقت مع أنها جحدت ، ويدل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : إنما أهلك
من كان قبلكم أنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه قالوا : وروى هذا الحديث الليث
بن سعد عن الزهري بإسناده ، فقال فيه : إن المخزومية سرقت ، وهذا يدل على
أنها فعلت الامرين جميعا الجحد والسرقة .
وكذلك أجمعوا على أنه ليس على الغاصب ولا على المكابر المغالب قطع
إلا أن يكون قاطع طريق شاهرا للسلاح على المسلمين مخيفا للسبيل ، فحكمه حكم
المحارب ، على ما سيأتي في حد المحارب .
وأما السارق الذي يجب عليه حد السرقة ، فإنهم اتفقوا على أن من شرطه
أن يكون مكلفا ، وسواء أكان حرا أو عبدا ، ذكرا أو أنثى ، مسلما ، أو ذميا
، إلا ما روي في الصدر الاول من الخلاف في قطع يد العبد الآبق إذا سرق ،
وروي ذلك عن ابن عباس وعثمان ومروان وعمر بن عبد العزيز ،
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 366