اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 365
ثمانون ، وقال الشافعي وأبو ثور وداود : الحد في ذلك أربعون ، هذا في حد الحر .
وأما حد العبد فاختلفوا فيه ، فقال الجمهور : هو على النصف من الحر ،
وقال أهل الظاهر : حد الحر والعبد سواء ، وهو أربعون ، وعند الشافعي عشرون
، وعند من قال ثمانون : أربعون .
فعمدة الجمهور : تشاور عمر والصحابة لما كثر في زمانه شرب الخمر ،
وإشارة علي عليه بأن يجعل الحد ثمانين قياسا على حد الفرية ، فإنه كما قيل
عنه رضي الله عنه : إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذي ، وإذا هذي افترى .
وعمدة الفريق الثاني : أن النبي ( ص ) لم يحد في ذلك حدا ، وإنما
كان يضرب فيها بين يديه بالنعال ضربا غير محدود ، وأن أبا بكر رضي الله عنه
شاور أصحاب رسول الله ( ص ) : كم بلغ ضرب رسول الله ( ص ) لشراب الخمر ؟
فقد روه بأربعين .
وروي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( ص ) ضرب في الخمر بنعلين أربعين فجعل عمر مكان كل نعل سوطا .
وروي من طريق آخر عن أبي سعيد الخدري ما هو أثبت من هذا ، وهو أن
رسول الله ( ص ) ضرب في الخمر أربعين وروي هذا عن علي عن النبي عليه الصلاة
والسلام من طريق أثبت .
وبه قال الشافعي .
وأما من يقيد هذا الحد فاتفقوا على أن الامام يقيمه ، وكذلك الامر في سائر الحدود .
واختلفوا في إقامة السادات الحدود على عبيدهم ، فقال مالك : يقيم
السيد على عبده حد الزنا وحد القذف إذا شهد عند الشهود ، ولا يفعل ذلك
بعلمنفسه ، ولا يقطع في السرقة إلا الامام ، وبه قال الليث .
وقال أبو حنيفة : لا يقيم الحدود على العبيد إلا الامام ، وقال
الشافعي : يقيم السيد على عبده جميع الحدود ، وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور
.
فعمدة مالك : الحديث المشهور أن رسول الله ( ص ) سئل عن الامة إذا
زنت ولم تحصن فقال : إن زنت فاجلدوها ، ثم إن زنت فاجلدوها ، ثم بيعوها ولو
بضفير وقوله عليه الصلاة والسلام : إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها .
وأما الشافعي فاعتمد مع هذه الاحاديث : ما روي عنه ( ص ) من حديث
عنه أنه قال : أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ولانه أيضا مروي عن جماعة
من الصحابة ولا مخالف لهم ، منهم ابن عمر وابن مسعود وأنس .
وعمدة أبي حنيفة : الاجماع على أن الاصل في إقامة الحدود هو السلطان .
وروي عن الحسن وعمر بن عبد العزيز وغيرهم أنهم قالوا : الجمعة والزكاة والفئ والحكم إلى السلطان .
فصل : وأما بماذا يثبت هذا الحد
، فاتفق العلماء على أنه يثبت بالاقرار وبشهادة عدلين واختلفوا في
ثبوته بالرائحة ، فقال مالك وأصحابه وجمهور أهل الحجاز : يجب الحد بالرائحة
إذا شهد بها عند الحاكم شاهدان عدلان ، وخالفه في ذلك الشافعي وأبو حنيفة
وجمهور أهل العراق وطائفة من أهل الحجاز وجمهور علماء البصرة فقالوا : لا
يثبت الحد بالرائحة .
فعمدة من أجاز الشهادة على الرائحة تشبيهها على الصوت والخط .
وعمدة من لم يثبتها اشتباه الروائح ، والحد يدرأ بالشبة .
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد الجزء : 2 صفحة : 365