responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 2  صفحة : 328

وأما القول في الواجب فاتفقوا على أن لولي الدم أحد شيئين : القصاص ، أو العفو إما على الدية وإما على غير الدية .

واختلفوا هل الانتقال من القصاص إلى العفو على أخذ الدية هو حق واجب لولي الدم دون أن يكون في ذلك خيار للمقتص منه أم لا تثبت الدية إلا بتراضي الفريقين أعني الولي والقاتل وأنه إذا لم يرد المقتص منه أن يؤدي الدية لم يكن لولي الدم إلا القصاص مطلقا أو العفو ، فقال مالك : لا يجب للولي إلا أن يقتص أو يعفو عن غير دية إلا أن يرضى بإعطاء الدية القاتل ، وهي رواية ابن القاسم عنه ، وبه قال أبو حنيفة والثوري والاوزاعي وجماعة ، وقال الشافعي وأحمد وأبو ثور وداود وأكثر فقهاء المدينة من أصحاب مالك وغيره : ولي الدم بالخيار إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية ، رضي القاتل أو لم يرض ، وروى ذلك أشهب عن مالك ، إلا أن المشهور عنه هي الرواية الاولى .

فعمدة مالك في الرواية المشهورة حديث أنس بن مالك في قصة سن الربيع أن رسول الله ( ص ) قال : كتاب الله القصاص فعلم بدليل الخطاب أنه ليس له إلا القصاص .

وعمدة الفريق الثاني حديث أبي هريرة الثابت من قتل له قتيل فهو بخير النظرين بين أن يأخذ الدية وبين أن يعفو هما حديثان متفق على صحتهما ،لكن الاول ضعيف الدلالة في أنه ليس له إلا القصاص .

والثاني نص في أن له الخيار .

والجمع بينهما يمكن إذا رفع دليل الخطاب من ذلك ، فإن كان الجمع واجبا وممكنا فالمصير إلى حديث الثاني واجب ، والجمهور على أن الجمع واجب إذا أمكن وأنه أولى من الترجيح ، وأيضا فإن الله عزوجل يقول :

﴿ ولا تقتلوا أنفسكم

وإذا عرض على المكلف فداء نفسه بمال فواجب عليه أن يفديها ، أصله إذا وجد الطعام في مخمصة بقيمة مثله وعنده ما يشتريه ، أعني أنه يقضي عليه بشرائه فكيف بشراء نفسه ؟ ويلزم على هذه الرواية إذا كان للمقتول أولياء صغار وكبار أن يؤخر القتل إلى أن يكبر الصغار فيكون لهم الخيار .

ولا سيما إذا كان الصغار يحجبون الكبار مثل البنين مع الاخوة .

قال القاضي : وقد كانت وقعت هذه المسألة بقرطبة حياة جدي - رحمه الله - فأفتى أهل زمانه بالرواية المشهورة ، وهو أن لا ينتظر الصغير ، فأفتى هو - رحمه الله - بانتظاره على القياس ، فشنع أهل زمانه ذلك عليه لما كانوا عليه من شدة التقليد حتى اضطر أن يضع في ذلك قولا ينتصر فيه لهذا المذهب وهو موجود بأيدي الناس .

والنظر في هذا الباب هو في قسمين : في العفو والقصاص .

والنظر في العفو في شيئين : أحدهما : فيمن له العفو ممن ليس له ، وترتيب أهل الدم في ذلك ، وهل يكون له العفو على الدية أم لا ؟ وقد تكلمنا في : هل له العفو على الدية .

وأما من لهم العفو بالجملة فهم الذين لهم القيام بالدم ، والذين لهم القيام بالدم هم العصبة عند مالك ، وعند غيره : كل من يرث ، وذلك أنهم أجمعوا

اسم الکتاب : بداية المجتهد و نهايه المقتصد المؤلف : ابن رشد    الجزء : 2  صفحة : 328
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست